أعلن الجيش الأوكراني أمس، تقدم رتل مدرعات روسية يضم مئة آلية بينها دبابات وقاذفات صواريخ غراد متعددة الفوهات على الطريق بين ستاروبيشيفي وتيلمانوفي جنوب شرقي أوكرانيا، حيث فتحت جبهة جديدة الاثنين الماضي مع محاولة الانفصاليين الموالين لروسيا إطلاق هجوم مضاد لمحاولة وضع القوات الحكومية بين طرفي كماشة. وقال المكتب الإعلامي لعملية الجيش الأوكراني شرق البلاد: «يتوجه هذا الرتل إلى بلدة تيلمانوفي» التي تبعد نحو 40 كيلومتراً من شمال نوفوازوفسك حيث أوقفت القوات رتلاً لمدرعات ودبابات روسية الاثنين الماضي، ونحو 80 كيلومتراً جنوب دونيتسك. كذلك أعلن الجيش الأوكراني أن رتلاً آخر يتألف من ست قاذفات صواريخ غراد وشاحنات تقل مقاتلين توغل من روسيا عبر بلدة ديبروفكا التي تبعد 110 كيلومترات من شرق دونيتسك، كما أشار إلى عبور مجموعة من الجنود الروس الحدود في ناقلات جند مدرعة وشاحنات، ودخولها بلدة أمفروسييفكا. وكشف رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أمام البرلمان، بأن استخبارات بلاده أكدت معلومات وفرها الحلف الأطلسي (ناتو) في الساعات القليلة الأخيرة عن تنفيذ وحدات نظامية من الجيش الروسي عمليات في أوكرانيا التي نشرت أول من أمس شريط فيديو أظهر 10 مظليين في الجيش الروسي اعتقلتهم لدى عبورهم الحدود على متن مدرعات. وفي ألمانيا، صرح ستيفان سايبرت الناطق باسم المستشارة أنغيلا مركل بأن «تدفق القوات والأسلحة الروسية إلى أوكرانيا مشكلة كبيرة يجب أن تضع موسكو حداً لها». وأضاف: «الشرط المسبق لأي وقف ناجح لإطلاق النار هو مشاركة روسيا بنصيبها لنزع فتيل الأزمة وإنهاء كل أشكال دعمها العسكري للانفصاليين عبر الحدود، إضافة إلى اتفاق الجانبين على تأمين الحدود في شكل ملائم». وفيما تحدث الناطق باسم الجيش الأوكراني عن مقتل 200 انفصاليي في المعارك الدائرة ببلدتي هورليفكا وايلوفايسك، وتدمير دبابات وأنظمة صاروخية، تعهد الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو بعد مفاوضات غير مثمرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالعمل للتوصل إلى اتفاق عاجل لوقف النار شرق أوكرانيا. أما الأممالمتحدة فاتهمت في تقرير أعدّه 34 عضواً في مكتب حقوق الإنسان التابع لها في جنيف، القوات الحكومية والانفصاليين بارتكاب جرائم في الشرق، بينها القتل والخطف والتعذيب. ورداً على إعلان وزارة الخارجية الفنلندية ووسائل إعلام روسية وأميركية أول من أمس، حصول «مفاوضات سرية» حول أزمة أوكرانيا بين مندوبين أميركيين وروسيين في جزيرة بواستو الفنلندية الصغيرة في حزيران (يونيو)، نفت موسكو هذا الأمر، وأوضحت أن الاجتماع «لم يكن مشاورات بين مندوبين رسميين عن البلدين، بل أحد لقاءات كثيرة بين مؤسسات غير حكومية وجامعية روسية وأميركية، وانتهى بتبني وثيقة أفكار لحل النزاع في أوكرانيا». خطة رد سريع ل «الناتو» في بروكسيل، اكد الأمين العام للحلف الأطلسي اندرس فوغ راسموسن أن الحلف يعد خطة رد سريع لأزمة أوكرانيا تسمح بنشره قوات بسرعة لتعزيز أمن دول شرق أوروبا، ومنع روسيا من تنفيذ مزيد من الأعمال لزعزعة استقرار المنطقة، في وقت صرح رئيس الوزراء الأوكراني ارسيني ياتسينيوك بأن «كييف تتوقع أن يتخذ الحلف قرارات حاسمة لتوفير مساعدة عملية لأوكرانيا خلال قمة التي سيعقدها في كارديف في 4 أيلول (سبتمبر) المقبل». وأبلغ راسموسن صحيفة «ذي غارديان» البريطانية أن الحلف سيتغلب على الانقسامات داخله في قمته المقبلة، وسيتبنى خطة تحرك سريع تسمح بتحريك قوات موقتة في هذه البيئة الأمنية الجديدة تماماً في أوروبا. لكن ذلك لن يشمل اقامة قواعد دائمة في المنطقة المضطربة»، والذي طالب به عدد من دول الحلف في شرق أوروبا، وبينها بولندا ودول البلطيق. وأضاف: «يجب أن نواجه حقيقة أن روسيا لا تعتبر الحلف شريكاً»، على رغم أن دولاً عدة أعضاء تحذر من أن الوجود الدائم لقوات الحلف سيشكل انتهاكاً مباشراً لاتفاقات مبرمة مع روسيا، ويمكن أن يثير رد فعل قوي جداً من الأخيرة. الغاز الروسي إلى ذلك، أعلن ياتسينيوك أن كييف تعلم بخطط روسية لقطع الغاز عن أوروبا هذا الشتاء، علماً أن موسكو أوقفت إمداد أوكرانيا بالغاز في حزيران (يونيو) بسبب خلاف على السعر، لكنها واصلت تزويد أوروبا التي تعتبر أكبر أسواقها. والعام الماضي، مرّ نصف صادرات الغاز الروسية إلى الاتحاد الأوروبي عبر أوكرانيا، علماً أنها كانت توقفت في شتاء عامي 2006 و2009 بسبب خلاف على السعر بين روسياوأوكرانيا. وأشار ليوناردو ماوجيري، المدير السابق للاستراتيجية في شركة «ايني» الإيطالية للنفط والذي يعمل حالياً بكلية «هارفارد كنيدي» إلى أن إيطاليا ستواجه صعوبات كبيرة في توفير احتياجاتها من الطاقة في الشتاء إذا عطلت أزمة أوكرانيا إمدادات الغاز وانزلقت ليبيا في فوضى، ما يشكل خطراً على تعافٍ اقتصادي هش بعد سنوات من الركود والتباطؤ في النمو». وقال: «في الأجل القصير لا بديل أمام إيطاليا من الغاز الروسي»، علماً أن خطط الطوارئ التي أعدتها روما تحسباً لتوقف تدفقات الغاز عبر أوكرانيا تشمل استخدام المخزونات، وترتيب شحنات طارئة عالية التكلفة وإجبار الصناعات الثقيلة على خفض إنتاجها، علماً أنها تعتمد على الواردات في تشغيل نحو نصف محطات الكهرباء. وفي ظل الخطر الذي يهدد الواردات الروسية والليبية، باتت الجزائر مفتاح تأمين الإمدادات لإيطاليان لكنها ستدفع ثمنا أعلى. إلى ذلك، بدأ مزارعون هولنديين إتلاف كميات كبيرة من الطماطم (البندورة) والكمثرى والتفاح بعدما قدموا طلبات إلى الاتحاد الأوروبي للحصول على تعويضات اثر انهيار الأسعار بسبب العقوبات الروسية على واردات الأغذية الغربية. وتشير تقديرات لمكتب الإحصاءات الهولندي إلى أن القطاع الزراعي في البلاد سيخسر هذه السنة نشاطات تناهز قيمتها 300 مليون يورو (395.5 مليون دولار)، حيث تشكل روسيا نحو عشرة في المئة من صادرات هولندا من الخضروات والفاكهة واللحوم. وفرض الاتحاد الأوروبي وواشنطن عقوبات على روسيا بعد مزاعم عن ضلوع الانفصاليين الموالين بإسقاط طائرة للخطوط الجوية الماليزية في شرق أوكرانيا في 17 تموز (يوليو) الماضي، ما أدى إلى مقتل 298 شخصاً غالبيتهم من هولندا.