يعيش كثيرون من الآباء والأمهات حالاً من الحيرة والقلق، بسبب فقدانهم السيطرة الرقابية على أبنائهم، خصوصاً في ما يتعلق بالمحتوى المرئي والمقروء الذي يصل الى أبنائهم على الهواتف الذكية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي يقضون فيها ساعات طويلة. يؤكد موقع «ان تي دو كومو» الإلكتروني، أن ملكية الهاتف المحمول من قبل الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و18 عاماً مرتفعة بنسبة 70 في المئة تقريباً في مجموعة دول أجريت عليها دراسة، بينها مصر والهند واليابان، وتحتل مصر أعلى نسبة بمعدل 94 في المئة، في حين تشكل نسبة دخول الأطفال على تلك المواقع عبر الهواتف المحمولة 72 في المئة منهم، ويزيد هذا الاستخدام مع التقدم في العمر. وتُظهر الدراسة، التي تناولت 3500 من الأطفال والآباء، وجودَ قلق كبير بين الآباء على أبنائهم في مرحلة الطفولة المبكرة إلى أواخر سنوات المراهقة، وقلقاً إضافياً حول الكشف عن المعلومات الشخصية لأطفالهم. وعبَّر 70 في المئة من الآباء المشمولين بالدراسة عن تخوف بالغ على خصوصية أطفالهم عند استخدام الهواتف المحمولة. ويستنجد آباء باستشاريين من أجل توجيههم لاستخدام أبنائهم هواتف المحمول ساعات طويلة وحصولهم على مقاطع إباحية عن طريق البريد الإلكتروني، خصوصاً أنّ منهم نسبة عالية تستخدم خدمات الشبكات الاجتماعية على الهواتف المحمولة. وباتت مواقع التواصل الاجتماعي لا تقتصر فقط على مناقشة قضية معينة، اذ ظهر مَن يدعو إلى المواقع الإباحية في رسائل عبر «تويتر» و«فايسبوك»، وفق أم نورة، التي تقول: «هذه الظروف جعلتني أتجه إلى استشارية نفسية واجتماعية لإقناع أبنائي بالحصول على كلمات المرور الخاصة بمواقعهم الاجتماعية لمتابعه رسائلهم الخاصة وإنشاء حسابات بالمواقع لمتابعة ما يكتبون فيها». وتقول أم طارق، التي اكتشفت مصادفة ان ابنها يدخل مواقع إباحية عن طريق الهاتف المحمول: «طلبت منه استعارة جواله أثناء عودتنا إلى المنزل، بسبب نفاد شاحن هاتفي، وفوجئت بأنه كان يتحدث مع أحد زملائه عن أحد المواقع الإباحية، ما جعلني أصادر هاتفه الذكي وأستبدله بآخر لا يمكنه من خلاله تصفح الانترنت، عقاباً له». أما أم عبدالله، فتشير إلى أن علاقتها مع بناتها وثيقة، ولا توجد بينهن حدود: «أخبرتني ابنتي عن وجود شبكة تواصل اجتماعية توجِّه الأسئلة لصاحبة الحساب، وتتضمن أسئلة خاصة عنها وعن أفراد أسرتها وعن رغباتها الجنسية، ما أثار تحفظي، فأقنعت ابنتي بإلغاء حسابها خوفاً من استدراجها إلى أمور أخرى». وينصح الاختصاصي النفسي محمد العتيبي الآباء بمتابعة الأبناء، خصوصاً من يلاحَظ عليهم اضطرابات نفسية بسبب المشكلات الأسرية التي تحدث باستمرار أو انفصال الأب عن الأم. ويحذر من إثارة الطفل والمراهق عصبياً أو توبيخه، أو معاملته بقسوة وعنف، مشيراً إلى ضرورة تحسين العلاقة الودية وزيادة حجم العلاقة الودية، عن طريق التقرب إليه ومشاركته أثناء تصفحه مواقع التواصل الاجتماعي، بطريقة لا تجعله يشعر بأنك تراقبه. ويوضح أن الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي لا يقتصر على الأطفال، «بل يصل للراشدين أيضاً، خصوصاً من يعانون عدم قدرة على مواجهة المجتمع». ويضيف: «نلاحظ بعض الأطفال يلجأ إلى هذه المواقع بتطرف، بسبب إلحاح الوالدين على تركها والالتفات لمدرستهم والنجاح بدرجات دراسية مرتفعة، وهو ما يسبب أحياناً اضطرابات نفسية لا يُعرف مدى حجمها في المجتمع، بسبب عدم اعتراف الأسر بذلك»، مؤكداً أنها ليست حالات قليلة. وتقول الاختصاصية الاجتماعية ابتسام النوري: «يعاني بعض الأطفال في مرحلة المراهقة من اضطرابات بسبب التغيرات الفيزيولوجية التي تحدث في أجسامهم، ولا يعلمون كيفية التعامل معها، خصوصاً إذا لم يتعامل الوالدان مع الأمر، بسبب الإحراج، أو انشغالهم، ما يجعل هؤلاء المراهقين يتجهون إلى زملائهم، وهو أمر خطر جداً، إذ يمكن أن تتحول المشكلة من مرحلة عابرة إلى عادة لا يمكن التخلص منها».