واصلت اسرائيل سياستها الجديدة المتمثلة ب «اغتيال» الأبراج السكنية والتجارية في قطاع غزة أمس في اطار العدوان المستمر منذ 50 يوماً، في وقت أمرت سكان حي الشجاعية شرق مدينة غزة بإخلاء منازلهم. وجاءت «مجزرة الأبراج» السكنية والتجارية، فيما وجهت الحكومة الفلسطينية، و «وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (اونروا) نداءات عاجلة لاغاثة سكان القطاع الذين تتفاقم أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية وتتدهور يوماً بعد يوم. وقال فلسطينيون من حي الشجاعية إنهم تلقوا اتصالات هاتفية من ناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي طالبهم فيها بإخلاء بعض المناطق في الحي، وأمهلهم حتى مساء أمس، خلافاً لرسائل قصيرة أرسلها الجيش على هواتف «الغزيين» الخليوية واخرى مسجلة تأمرهم باخلائها فوراً، وإلا فسيتم قصفها. وحذرت الرسائل سكان القطاع وقيادة حركة «حماس» من أن «المعركة مفتوحة» معهم، في تطور خطير يعكس اصرار اسرائيل على ارتكاب المزيد من جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية. وانتقد ثلاثة مراكز حقوقية فلسطينية مرموقة وتمتع بدرجة عالية من المهنية والصدقية، بشدة «جرائم الحرب الاسرائيلية». وطالب مدير المركز الفلسطيني لحقوق الانسان راجي الصوراني، ومدير مركز الميزان لحقوق الانسان عصام يونس، ومدير مؤسسة الضمير لحقوق الانسان خليل أبو شمالة أمس الرئيس محمود عباس بالتوقيع على ميثاق روما النظم لعمل محكمة الجنايات الدولية فوراً، كي تتم في المستقبل محاكمة قادة اسرائيل كمجرمي حرب. وانتقدوا بشدة «صمت» المجتمع الدولي، وطالبوه بالضغط على اسرائيل لوقف عدوانها فوراً. وكانت المراكز الثلاثة، التي تتخذ من غزة مقراً لها، ومعها مؤسسة «الحق» لحقوق الانسان في رام الله أخيراً، اتفقوا على تشكيل فريق موحد لتوثيق جرائم الحرب استعداداً لتقديمها الى لجنة التحقيق الدولية التي شكلها مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي. وفي جرائم جديدة صدمت «الغزيين»، دمرت طائرات حربية إسرائيلية أميركية الصنع من طراز «اف 16» فجر أمس برج المجمع الإيطالي وسط حي النصر المكتظ بالسكان شمال مدينة غزة، وبرج الباشا في حي الصبرا وسط المدينة، ومدرسة علي بن أبي طالب في حي الزيتون جنوبها. ويتألف البرج الايطالي من 16 طبقة، ويضم شققاً سكنية ومحالاً تجارية، فيما يتألف برج الباشا من 13 طبقة، ويضم شققاً سكنية ومكاتب اعلامية وصحافية، من بينها اذاعة «صوت الشعب». وألقت الطائرات صاروخين كبيرين على «الايطالي»، إلا أنه لم ينهر، وعادت وأطلقت صاروخاً ثالثاً، ورابعاً وخامساً وسادساً، وظل نصف البرج طولياً «صامداً»، نظراً الى قوة قواعده وأعمدته. وأصيب نحو 27 «غزياً»، من بينهم أربعة من رجال الدفاع المدني، وخمسة مسعفين، وصحافيين، نتيجة قصف «الايطالي». وكانت قوات الاحتلال اتصلت هاتفياً على عدد من سكان البرجين، وأمرتهم اخلائهما تمهيداً لقصفهما. ووصف الناطق باسم «حماس» فوزي برهوم تدمير الأبراج بأنه «جريمة حرب»، وصرح بأن «تدمير الأبراج السكنية انتقام إسرائيلي غير مسبوق من أهلنا في غزة لتخويفهم وثنيهم عن الالتفاف حول المقاومة ورجالها». وشدد على أن هذه السياسة «ستزيدنا إصراراً على المواجهة وحماية مصالح شعبنا». وراجت اشاعات عند منتصف ليل الاثنين - الثلثاء، حذرت منها وزارة الداخلية، بأن الطائرات ستقصف اكثر من برج سكني ضخم في المدينة، ما أصاب سكانها بالهلع، واضطروا الى الهرب منها تحت القصف والغارات المتواصلة في كل مكان. وكانت اسرائيل شرعت في سياسة تدمير الأبراج الأحد الماضي عندما دمرت برج «الظافر 4» غرب المدينة، وبرج المركز التجاري في مدينة رفح جنوب القطاع. وفي خطوة تضامنية مع أهله وأصدقائه في القطاع، بادر الفنان الفلسطيني محمد عساف نجم «أراب أيدول» بسكب دلو ركام على رأسه، في خطوة تحاكي سكب دلو الثلج للتضامن مع مرضى التصلب العضلي اللويحي. وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقطعاً للفنان عساف يشارك بتحدي «دلو الركام» تضامناً مع غزة. وقال عسا: «غزة تُطلق للعالم تحدي دلو الركام، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا أدنى مقومات الحياة هناك بفعل الحصار الخانق للعام الثامن على التوالي، والعدوان الصهيوني الغاشم الذي ما زال مُستمراً... شاركوا غزة ألمها وأملها، لنكن الى جانبها ولو بأقل القليل المتاح». شهداء والمقاومة ترد في هذه الأثناء، استشهد 3 فلسطينيين في غارة اسرائيلية على جنوب قطاع غزة، وذلك بعد وقت قصير من اعلان غير رسمي عن التوصل الى تهدئة. وعقب ذلك، اعلنت مصادر امنية اسرائيلية مقتل اسرائيلي بقذيفة هاون. كما استشهد فلسطينيان أمس في قصف استهدف مجموعات من المواطنين في حي الشعف شرق مدينة غزة، كما استشهد آخران في مخيم جباليا شمال القطاع يعملان موظفين في شركة الكهرباء اثناء عملهما على اصلاح الشبكات. الى ذلك، واصلت فصائل المقاومة الفلسطينية الرد على العدوان الاسرائيلي من خلال قصف المستوطنات والمدن الاسرائيلية. ورداً على تدمير الابراج، أعلنت «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، في بيان أنها قصفت مدينة حيفا بصاروخ من طراز (آر 160)، وتل أبيب بأربعة صواريخ (إم 75) صباح أمس. كما أطلقت الكتائب و «سرايا القدس» والأجنحة العسكرية المختلفة وابلاً من الصواريخ وقذائف الهاون على عشرات البلدات جنوب اسرائيل. ودمر صاروخ «غراد» منزلاً في مدينة عسقلان، قال رئيس بلديتها إنه لم ير له مثيلاً من قبل، وأسفر عن اصابة ثمانية مستوطنين بشظايا الزجاج المتطاير و20 بالهلع. كما أعلنت «سرايا القدس» أنها قصفت عسقلان بعشرات الصواريخ أمس.