على رغم اختلاف التقديرات حول الأرقام والإحصاءات الدقيقة أو التقديرية للمقاتلين السعوديين والمتورطين في أعمال قتالية وإرهابية، إضافة إلى أعداد الموقوفين في السجون خارج البلاد، وذلك «لعدم وجود معلومات دقيقة عنهم». إلا أن المؤكد هو أن 95 في المئة منهم تم التغرير به من طريق مواقع التواصل الاجتماعي. بحسب باحث في الشؤون الأمنية والقضايا الفكرية ومكافحة الإرهاب والأمن الإلكتروني، أشار إلى وجود 20 ألف موقع إلكتروني لاصطياد الشباب، ودفعهم إلى الانخراط في صفوف التنظيمات الإرهابية، لافتاً إلى وجود معسكرات سرية في غرف الدردشة. وقال الباحث محمد الهدلاء، في تصريح إلى «الحياة»: «لا توجد أعداد تقديرية للسعوديين المنتمين لمنظمات إرهابية أو السجناء في الخارج، أو إحصاءات عن منفذي العمليات من الجنسية السعودية خارج البلاد»، عازياً ذلك إلى «عدم وجود معلومات دقيقة عن عدد السعوديين المحتجزين في بعض الدول في قضايا الإرهاب، أو المنظمات الإرهابية في مناطق الصراع الدولية»، لافتاً إلى أن هناك إحصاءات «مبالغ فيها من بعض الدول للموقوفين السعوديين لديها». وتابع: «هناك منظمات إرهابية تحاول أن تزج بأسماء سعودية في كل عملية إرهابية، من أجل الكسب الإعلامي، ومن أجل إضافة طابع الشرعية على عملها الإرهابي، حتى لو كانت أدوار هؤلاء السعوديين ثانوية. ثم إن هناك دولاً إقليمية ودولية كارهة للمملكة، وتحاول أن تزج بأسماء سعوديين في كل عمل إرهابي». واستشهد الباحث محمد الهدلاء بما حدث في 11 أيلول (سبتمبر) «حينما تم الزج ب15 سعودياً، من أجل توريط المملكة، وتشويه سمعة الإسلام وتصويره أمام رأي العالمي أنه مصدر الإرهاب، وأن بلادنا تدعمه، وهذه فرية وتزوير للحقائق تفنده جهودنا الدولية في محاربة الإرهاب نيابة عن العالم، والتي أشاد بها المجتمع الدولي وطلب الاستفادة منها». وعن أهم طرق تجنيد الشباب، وكيف يتم التغرير بهم، وتشتتهم بين المنظمات المتطرفة، أوضح أن شبكة الإنترنت من «أهم قنوات الاتصال للجماعات التكفيرية المتطرفة من فئة البغي والضلال، تبث من خلالها فكرها ومنهجها وآيديولوجيتها المتطرفة، لتجنيد الشباب في خلاياها الإرهابية، التي تشهد سجالاً وحرباً فكرية، إذ تعتبر شبكة الإنترنت أداة فعالة للمنظمات الإرهابية، ومصدراً رئيس للانحراف والتطرف والتجنيد والتغرير». ولم يخفِ الباحث أنه ثبت أن «أكثر من 95 في المئة ممن التحقوا بهذه المنظمات الإرهابية تم عبر شبكة الإنترنت التي وصل عدد مستخدميها في المملكة إلى 10 ملايين»، مضيفاً: «المملكة ممثلة في السلطات الأمنية كشفت توجه أصحاب الفكر الضال، لبث سمومهم بالكتب المؤلفة عبر فضاء الإنترنت، بعد تضييق الخناق عليهم، إذ إن ما وجد في الإنترنت من مؤلفات ضالة تقدر بمئات الغيغابايت»، منها كتب ترجمت إلى لغات عدة، وما وجد في الإنترنت يعادل رصيد مكتبات كبرى». ولفت إلى أن «المؤثرات الفكرية من الكتب والمقاطع الصوتية والمرئية والصور المثيرة كانت من مصادر التغرير بالشباب العاطفي المتحمس»، مشيراً إلى أن المملكة تتعرض ل«حرب إلكترونية، تحاول أطراف خارجية من خلالها إشعال موجات عنف طائفي وهدم اللحمة الوطنية، والتغرير بالكثير من الشباب، واستقطابهم لمناطق الصراع الدولية، بحجة الجهاد من أجل تحقيق أهداف هذه الدول والمنظمات الإرهابية، التي تعد ورقة تلعب بها في المنطقة». وشدد الهدلاء على ضرورة أن «تخوض السعودية «حرب أفكار» على شبكة الإنترنت، إذ يوجد الكثير من الشباب في غرف الدردشة والمنتديات المنتشرة و«فيسبوك» و«يوتيوب» و«توتير»، مستغلين حيرتهم وسذاجتهم، وقلة حصيلتهم الثقافية والمعرفية، وبخاصة العلم الشرعي، وجهلهم بكثير من المسائل التي أدى عدم الإجابة عليها من كثير من العلماء إلى توجه شريحة كبيرة من الشباب إلى أخذ الفتوى من غير مصادرها الشرعية، على غرار من يطلق عليهم «شيوخ النت»، مثل: المقدسي، وأبوأسيد الفلوجي، وأبوعبدالله النجدي، وغيرهم من منظري الإنترنت، الذي يلوون أعناق النصوص، من خلال كثير من مواقعهم وإصداراتهم المنتشرة في كل مكان». وأكد تجاوز عدد المواقع التي تدعم الفكر الإرهابي في آخر إحصاء حاجز ال20 ألف موقع مثل: صوت الجهاد، والسيف البتار، وصدى الجهاد وموقع الخنساء، وغيرها، «واستطاعت هذه المواقع المشبوهة أن تروج لخطابها التكفيري، لتجنيد كثير من الشباب في خلاياها الإرهابية. بعد أن أصبح الإنترنت بالنسبة لهم ميدان حرب، خدمتهم فيها هذه التقنية من خلال توفير الكثير من الدعم والمساندة والبحث عن معلومات حساسة تهمهم، مع الاتصال والتنسيق بأقل كلفة، والتبعية في تجنيد إرهابيين، والحصول على التمويل، بل تعدى ذلك إلى تعليم التفخيخ والتفجير وصنع المواد المتفجرة والأحزمة الناسفة، الذي يأتي في مراحل متأخرة، بعد أخذهم المُغرر به إلى غرف الدردشة، والتأكد من ولائه، ثم يقاد لمعسكراتهم السرية التي يكتنفها الغموض». ولفت إلى أن أبرز ما ساعدهم في ذلك «غياب الفكر المعتدل المواجه لنشاط هذه الجماعات التكفيرية المتطرفة البارز على مواقع الإنترنت الحوارية، الذي كان من الممكن أن يكون له دور كبير في تصحيح بعض الأفكار ومناقشتها من كثير من المتخصصين. كما ساعد الجماعات التكفيرية في رواج خطابها التكفيري غياب الرقابة الذاتية والأسرية». وشدد على ضرورة «إيجاد البديل القوي والمنافس على شبكة الإنترنت، وأن تتضافر جهود علماء الشريعة والتربية مع جهود الجهات الرسمية ورجال المال والأعمال في هذا السبيل»، مشدداً على أهمية «المبادرة بتعريف الشباب بشبهات المنحرفين فكرياً، والرد العلمي عليها قبل وصولها إليهم من خلال مواقع الإنترنت، إضافة إلى تحصين الشباب فكرياً ودينياً وثقافياً، والحرص على بناء محتوى وطني مميز في الإنترنت، وفق خطة تراعي تمايز المشارب والأذواق، تتيح للشباب الانخراط في أنشطة ثقافية وإبداعية متنوعة، تستهدف تنمية المهارات التي يتمتع بها الشباب».