تسبب قرار الحكومة الأردنية القاضي برفع أسعار المحروقات اعتباراً من أمس، بحال من الغضب بين المواطنين ذوي الدخل المحدود، وسرعان ما استغلت المعارضة الإسلامية -ممثَّلة بجماعة «الإخوان المسلمين»- القرارَ لتدعو الى الاحتجاج عند دوار الداخلية وسط العاصمة عمان في اليوم نفسه، لكن الحكومة أكدت اضطرارها الى اتخاذ هذه الإجراءات لخفض العجز المتزايد في الموازنة، الذي قد يزيد الصعوبات الاقتصادية سوءاً. وتجمعت حركات شبابية أمام دار الحكومة في منطقة الدوار الرابع، تنديداً بما قالت إنه «سياسة التبعية الاقتصادية الخاطئة وارتفاع الدين العام». ومع إعلان قرار الرفع، اشتعلت صفحات التواصل الاجتماعي ضد القرار، وطالب ناشطون وشخصيات معارضة بإقالة الحكومة، ودعوا إلى التظاهر الجمعة المقبل تنديدا بالإجراء الحكومي الجديد. وجاء في بيان الحكومة أنه تم رفع أسعار الديزل بنسبة 6 في المئة، والبنزين 90 (الشعبي) بنسبة 10 في المئة، لتمثل هذه الزيادة الوجبة الثانية من زيادات الأسعار التي نفذتها الحكومة على أثمان المحروقات منذ تشكيلها في نيسان (ابريل) الماضي. وبموجب القرار، رُفع أيضاً سعر مادة السولار بقيمة 35 فلساً/ ليتر، ليصبح سعر الليتر الواحد 55 قرشاً بدلا من 51.5، أي بزيادة نسبتها 6.8 في المئة، وبالتالي أصبح سعر صفيحة السولار سعة 20 ليتراً 11 ديناراً بدلاً من 10.30 دينار. وانتقد حزب «جبهة العمل الإسلامي»، الذارع السياسي ل «الإخوان»، بشدة حكومة فايز الطراونة، معتبراً في أول تعقيب له على قرار الحكومة الأخير، أن القرار «ينبغي أن يكون المسمار الأخير في نعشها». ودعا في بيان إلى إسقاط الحكومة بالطرق السلمية المتاحة، واصفاً إياها ب «حكومة الأزمات». كما هاجمت النقابات المهنية الأردنية القرار، وقالت في بيان «إن قيام الحكومة برفع أسعار المحروقات هو تحدٍّ لإرادة الشعب، ودفع إلى مزيد من الاحتقان نحذر من تداعياته على أمن الوطن واستقراره». كما دعت إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل أطياف الشعب وتكون مهمتها «السير بالبلاد إلى انتخابات برلمانية حرة نزيهة عبر قانون انتخاب يحقق أكبر توافق وطني». لكن الناطق باسم الحكومة الأردنية الوزير سميح المعايطة، قال ل «الحياة» إن بلاده «لجأت إلى هذه الخطوة لإطفاء عجز الموازنة» الذي يتجاوز 200 مليون دينار. وأضاف ان «الحكومة لديها الحرص الذي لدى المعارضة والإعلام بألاّ تطاول قرارات الرفع القطاع الأوسع من المواطنين، لكننا ندرك أن ثمة مأزقاً مالياً تعانيه الدولة، وهناك ارتفاع في حجم الدين، ونحن مسؤولون أمام الجميع عن حل هذا المأزق». وتابع: «سنتخذ الوسائل التي يمكن أن تخفف من هذا المأزق، ونحافظ على صدقية الحكومة أمام الدول المانحة، مع مراعاة ظروف الناس وعدم زيادة الأعباء عليهم». لكن الإعلان عن القرار أثار جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية تزامناً مع التحضير للانتخابات النيابية المقبلة، والتي تشهد عزوفاً عن التسجيل لها من جانب المواطنين، وفق المستشار السابق في الحكومة الأردنية ماهر أبو طير. وقال الكاتب والمحلل السياسي فهد الخيطان ل «الحياة»، إن القرار الحكومي الأخير «يأتي في إطار حزمة إجراءات اقتصادية لمدة عامين، وفي إطار تفاهم واتفاق مع البنك الدولي في مقابل قروض مالية تقدم للمملكة». وأضاف: «صحيح أن هذه الخطوة ستكون لها آثار سلبية على مستوى معيشة المواطن، لكن لغاية الآن لا نستطيع التنبؤ برد الفعل الشعبي على القرار». وبرأيه، فإن الحكومة قرأت المشهد المحلي بشكل جيد قبل الإقدام على القرار، قائلاً: «لو كانت هناك توصية أمنية بالعدول عن مثل هذا القرار خوفاً من رد فعل الشارع، لما أقدمت الحكومة على الرفع». ومنذ وقت طويل، تأخذ الحكومة في حسبانها الغضب الشعبي الذي تحول إلى اشتباكات في الشوارع جنوب البلاد بعد رفع سعر البنزين مرتين، إحداهما عام 1989، والأخرى عام 1996.