تتعدّد القنوات العربية المتخصّصة في مجال الدراما، حتى يكاد المرء يجد صعوبة في إحصائها كلها، ويخشى الوقوع في منزلق نسيانِ أو تجاهل واحدة منها. وإن كان للمشاهد أن يذكر قناة الدراما هذه أو تلك، وفق منطق اهتماماته أو طبيعة تواجده المكاني، فإن ثمة قنوات دراما أمكنها عبور الحدود المحلية وتجاوزها إلى ما هو أوسع من قُطْرِيّتها، سواء بسبب حرصها على تنوّع الأعمال الدرامية التي تعرضها، أو لمهارتها في ابتداع الأساليب الجاذبة لأوسع قطاعات المشاهدين، وبما يفيض عن مشاهدي البلد الواحد. وإن كان ثمة ملاحظة في هذا المجال، فهي أن هذه القنوات انطلقت أصلاً مستندة إما إلى الإرث الدرامي الذي تحقّق في بلد ما، أو تتويجاً لنجاحات متميزة في مجال الإنتاج الدرامي ودعمه. تقودنا هذه الملاحظة، إن صحّت، إلى استخلاص قد يبدو راسخاً، مفاده أن قنوات الدراما لم تكن مؤسِّسة للفعل الدرامي العربي بمقدار ما كانت تابعةً لهذا الفعل، محاولةً العمل على الترويج له، فبقيت تنوس ما بين حدّين، اولهما إعادة العروض الجديدة، بعدما استُنفدت فرصة العروض الأولى... وثانيهما ممارسة فكرة الاستعادات الأرشيفية لأعمال درامية قديمة باتت في ذمّة التراث الدرامي العربي منذ سنوات، أو عقود. وفي حين تكتفي بعض قنوات الدراما بعرض المسلسلات بصورة متتالية، إلى درجة أن يقوم بعضها بعرض أكثر من حلقة من المسلسل ذاته على التوالي، بما يشبه سهرة متواصلة مع العمل الواحد، فإن قنوات أخرى تبادر إلى إنجاز برامج وتقارير مُصوّرة تتناول شؤون الدراما ومحطاتها ومنجزاتها، والاطّلاع على أحوال صنّاعها ولقاء أبرز نجومها ومبدعيها، ما بين عرض مسلسل وآخر. وبناءً على هذا، تتفاوت تجارب قنوات الدراما العربية وتختلف بين قناة وأخرى، كلٌّ وفق ظروف وأسباب خاصة بها، فمنها ما حقّق نجاحات لا تُنكر، وإن لم تصل إلى مستوى نجاح القناة الأمّ! ومنها ما لا نظن أننا نظلمها كثيراً إن قلنا إنها بقيت قاصرة عن القيام بالدور المنوط بها. سيبدو الجهد لافتاً في ما تقدّمه قناة «النيل دراما»، مثلاً، من حيث التنوّع والاجتهاد خصوصاً... لكنه من ناحية أخرى يشير إلى جوانب من إشكالية هذه القنوات، فالأخطاء والعثرات متوافرة، والإشكاليات الفنية والتقنية غير منعدمة، الأمر الذي لا تمكن إحالته إلا إلى نقص في الإعداد، واستسهال في التفاصيل. خذ مثالاً فقرة «استوديو دراما»، وذلك التقرير الذي أُعدّ عن الفنان الأردني منذر رياحنة، ليتحوّل عجباً إلى «منذر ريحانة»!.. ومشاكل الصوت خلال اللقاء مع الفنان مجدي فكري عن مشاركته في مسلسل «سيدنا السيد»، واختفاء اسم الفنان عمرو يسري تحت شريط الأخبار خلال حديثه عن ذكرى خاله الفنان كمال الشناوي. تتسلّح قنوات الدراما عموماً، بقوة جذب مُستقاة مما تعرضه من مسلسلات... ومع ذلك، فهي تخطئ إن ظنّت أنها بالمسلسلات وحدها تحقّق تخصّصها.