حظيت الدراما السورية خلال عام 2008 على إجماع عربي لأول مرة من المحيط إلى الخليج.. ويعود ذلك إلى أنها نضجت من حيث أداء الممثلين وظهور مجموعة كبيرة من النجوم الجدد خلال السنوات الثلاث الأخيرة من ممثلين وممثلات ومخرجين وكتاب سيناريو تناولوا موضوعات جديدة وقدمها المخرجون برؤية تتفق مع التطوير في الأعمال الدرامية التي أصبحت تقدم صورة متكاملة للمشاهد بحيث يرى المشاهد أمامه المشهد كأنه لوحة تشكيلية متكاملة من حيث الملابس والأداء والخلفية (الديكور) وهو ما يعرف بلغة السينما (سينوغرافيا). كما يعود نجاح المسلسلات السورية إلى سهولة لهجتها ووضوحها وإلى ضعف المسلسلات المصرية التي تعتمد على عدد محدود جدا من النجوم لا يتجاوز عددهم سبعة ظلوا يطلوا على المشاهدين طوال أكثر من عشر سنوات وهو ما تخلصت منه الدراما السورية مؤخرا عندما دفعت بنجوم شباب أثبتوا وجودهم خلال السنوات الثلاثة السابقة ونضجوا هذا العام.. بالإضافة إلى فرض نجوم المسلسلات المصرية لأولادهم على مهنة التمثيل وهم غير موهوبين أو أنصاف موهوبين.. أيضا تراجع دور المخرج والمؤلف أمام نجم المسلسل كما ساهم سجن المنتجين للأعمال الدرامية المصرية في أقلام عدد محدود من كتاب السيناريو إلى أن يطولها المط والتطويل لتقع الأحداث في 30 حلقة ليعوض منتج المسلسل أجر النجم الذي غالبا ما يتعدى المليون جنيه - 200 ألف دولار تقريبا - وأيضا طريقة تعامل المنتج مع الممثلين والممثلات المشاركين في العمل الدرامي حيث يتفق معهم على المشاركة من خلال عقد لا يتضمن عدد الحلقات ولكن يذكر فيه اسم العمل فقط وهو ما يطلق عليه "نظام الكوته". بالإضافة إلى عدم وجود نقد بناء للأعمال الدرامية وتحول غالبية النقاد إلى مجاملين للنجوم في كتاباتهم واستبعاد النقاد الذين يحملون رؤية حقيقة للأعمال الدرامية.. ولذلك حظيت المسلسلات السورية التي عرضت خلال العام 2008 على استحسان المشاهد العربي مثل (زهرة النرجس) بطولة كيرس بشار وعبد الهادي الصباغ ومي اسكاف ونضال نجم ولورا أبو أسعد ورامي حنا الذي أخرج العمل أيضا.. ومسلسل (باب الحارة) بطولة النجم عباس النوري في جزءيه الأول والثاني وشارك في بطولته أيضا كل من وفيق الزعيم وصباح جزائري ووفاء موصلي وسامر المصري وحسن دكاك وسليم كلاس.. وغيرها من المسلسلات التاريخية والاجتماعية.. ولا نستطيع أن لا نذكر المسلسل الأردني (المنصور) الذي قام ببطولته أيضا السوري عباس النوري وشاركه النجم الأردني منذر رياحنه وأداءهما الفذ. وهنا نتذكر تجربة فريدة كان من الممكن أن تتبلور وتفرز أعمالا درامية عربية مشتركة عندما قامت كيانات خليجية ضخمة للإنتاج الدرامي التليفزيوني في الرياض وعجمان وأثينا وتونس بعد العام 1975 وأنتجت أعمال شارك فيها نجوم من بلدان عربية متعددة إلا أن التجربة لم يكتب لها الاستمرار وتوقفت تماما.. حتى جاءت (القنوات الفضائية العربية) فقامت بدور المنتج فانتجت قناة MBC مسلسل ضخم مثل (الملك فاروق) وبعض المسلسلات الأخرى.. ومن الممكن أن تعود هذه التجربة الفريدة في الإنتاج مرة أخرى وتنتج أعمالا يكتبها ويخرجها سوريون ويشارك في بطولتها نجوم الوطن العربي لإثراء الدراما العربية بشكل عام.