وضعت المحكمة الإسرائيلية العليا حداً لمماطلة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في العقد الأخير في إخلاء البؤرة الاستيطانية الشهيرة «ميغرون» المقامة على أراض فلسطينية خاصة، إذ أمهلت مساء أول من أمس سلطات الاحتلال ستة أيام لإخلاء المستوطنين وأسبوعين لإخلاء منازلهم، باستثناء ستة منازل في إحدى القسائم يدّعي المستوطنون فيها أنهم امتلكوا الأرض من أصحابها في شكل قانوني، وهو ادعاء ستبت المحكمة فيه خلال ثلاثة أشهر. ورحبت حركة «سلام الآن» اليسارية بقرار المحكمة فيما انتقده ممثلو المستوطنين وأنصارهم في اليمين وهاجموا قضاة المحكمة والنيابة العامة ورئيس الحكومة بنيامين نتانياهو على أنه «رفع يده على مشروع الاستيطان». وطالب المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشتاين قادة المستوطنين بإخلاء منازلهم بهدوء كما التزموا في اتفاقهم مع ممثل الحكومة في مقابل نقلهم إلى مساكن بديلة موقتة في موقع قريب إلى حين الانتهاء من بناء حي استيطاني جديد يؤويهم في مستوطنة قائمة. ورفض قضاة المحكمة، وفي مقدمهم رئيسها آشر غرونيس، مساء الأربعاء ادعاء 17 عائلة ضد الإخلاء بداعي أنهم اشتروا الأراضي المقامة عليها منازلهم من أصحابها، وكتبوا أنه حتى لو ثبت أن المستوطنين اشتروا الأرض في شكل قانوني «فإن ذلك لا يعني أن لهم حقاً في البناء عليها طالما لا يوجد مخطط (حكومي) للبناء فيها، فضلاً عن أن البؤرة الاستيطانية لم تقم بقرار من الحكومة الإسرائيلية، وعليه فإنها ليست قانونية وسبق للمحكمة أن أصدرت أوامر بإخلاء المنازل وهدمها، لكن المستوطنين لم يحترموا القرار». كما لفت القضاة إلى أن المباني أقامها المستوطنون وسكنوا فيها قبل «شرائها»، بافتراض أن الشراء كان قانونياً، «ولا شك في أنه حتى وفق ادعاء المستوطنين، فإنه عندما أقيمت المباني لم تكن الأرض مملوكة لهم. وأضافوا أنه بعد البت في قانونية «الامتلاك» و «فقط بعد أن يتبين أن هناك مخططاً حكومياً قانونياً للبناء في هذه الأراضي، يمكن العودة إليها وإقامة المباني في شكل قانوني». واعتبر ممثلو المستوطنين في هذا البؤرة قرار المحكمة أنه «يوم أسود في تاريخ الديموقراطية الإسرائيلية، يوم تم فيه الدوس على الحقوق الأساسية لعناصر اليمين»، وهددوا نتانياهو بالمحاسبة في الانتخابات المقبلة «لأنه سار في درب من سبقه وتطاول على المستوطنين... ونحن على ثقة بأن مواطني الدولة الصهيونيين سيعرفون كيف يحاسبونه». وأضافوا أنه لن يكون في وسع الحكومة الإسرائيلية «أن تغسل يديها من الاغتصاب الفظ الذي تم تحت بصرها من خلال الموافقة بالصمت». وعلى رغم هذه الاحتجاجات، يتوقع الجيش أن تتم عملية إخلاء المستوطنين بهدوء. ويرى مراقبون أن الاحتجاجات ليست سوى دفع ضريبة كلامية للحيلولة دون حصول انطباع بأن المستوطنين مستعدون للإخلاء الطوعي. وانضم نواب من اليمين في الهجوم على المحكمة «اليسارية» وقضاتها وشركائهم في النيابة العامة «الذين لا يعرفون معنى العدالة ويواصلون التصرف كأن المحكمة أداة بأيديهم لدفع أفكارهم السياسية»، كما قال النائب داني دانون. وتابع في حديث مع الإذاعة العامة أمس، أن رئيس حزبه رئيس الحكومة «يعتزم تبني تقرير القاضي إدموند ليفي الذي يشرعن المستوطنات بداعي أن الأراضي المقامة عليها ليست أراضي محتلة». وزاد أن «نتانياهو لم يُهمل التقرير وسيقوم بتبنيه لأن حكومة ليكود انتخبت من أجل البناء في المستوطنات الإسرائيلية». ويتعارض هذا التصريح مع تسريبات سابقة من مكتب نتانياهو قبل أسبوعين أفادت بأنه وضع تقرير القاضي المتقاعد على الرف لتفادي انتقادات دولية عنيفة في حال تبناه. واعتبر المحامي يسرائيل سفارد ممثل حركة «سلام الآن» التي التمست ضد المستوطنين عام 2006، قرار المحكمة «انتصاراً لسلطة القانون على أسلوب إقامة البؤر الاستيطانية غير القانونية في المناطق»، وأضاف أن القرار «يثبت أن المستوطنين ليسوا فوق القانون». واعتبرت الحركة القرار «نقطة ضوء للمجتمع الإسرائيلي، وتأكيداً أن المستوطنين ليسوا فوق القانون، وأن الأراضي الفلسطينية ليست مستباحة».