استؤنفت معركة «لي الذراع» بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو وقادة المستوطنين المدعومين من عدد من نواب حزب «ليكود» الذي يتزعمه نتانياهو وذلك على خلفية قيام الجيش الإسرائيلي بهدم ثلاثة مبان في بؤرة استيطانية غير قانونية في منطقة الخليل واتهامات قادة المستوطنين نتانياهو ووزير دفاعه ايهود باراك بتجميد البناء في المستوطنات، ولفت نتانياهو إلى أن مواصلة البناء في المستوطنات ليست بالأمر السهل إزاء الضغوط الدولية التي تمارَس على إسرائيل. وأعلن قادة المستوطنين «يوم غضب» غداً الخميس يشمل إغلاق مفترقات طرق رئيسية في أنحاء مستوطنات الضفة الغربيةوالقدس، ويتوقع أن يشمل مزيداً من الاعتداءات على الفلسطينيين في الخليل الذين يتعرضون إلى ممارسات بطش انتقامي في كل مرة يهدم جيش الاحتلال منزلاً في بؤرة استيطانية، كما حصل في اليومين الأخيرين. وكانت مواجهات عنيفة اندلعت أمس بين مستوطنين والشرطة الإسرائيلية عندما أقدمت الأخيرة على هدم مبان غير قانونية في بؤرة استيطانية تدعى «حفات غلعاد» في الضفة الغربية. ورد المستوطنون على ما وصفوه «بطش الشرطة» بإغلاق شوارع ومفترقات طرق رئيسية في القدس وفي مستوطنات أخرى وبالاعتداء على قرى فلسطينية مجاورة للبؤرة الاستيطانية وإلحاق أضرار بسيارات وممتلكات. وأفادت تقارير صحافية أن نتانياهو بحث أول من أمس مع عدد من أركان حكومته، بحضور المستشار القضائي لحكومته يهودا فاينشتاين ومنسق شؤون الاحتلال في الضفة الغربية، في إيجاد المعادلة الصحيحة التي تجمع بين احترام حكومته قراراً قديماً أصدرته المحكمة العليا بإخلاء ثلاث بؤر استيطانية مقامة على أراض فلسطينية بملكية خاصة في الضفة الغربيةالمحتلة من جهة، ومواصلة البناء في المستوطنات الكبرى و»تبييض» بؤر استيطانية أخرى بداعي أنها أقيمت على «أراضي دولة» وذلك لإرضاء قادة المستوطنين. وأضافت أن نتانياهو قرر في ختام جلسة المشاورات أن يقوم المستشار بإبلاغ المحكمة العليا، التي كانت طالبت الحكومة بناء ل 15 التماساً قدمت لها ضد البناء غير المشروع بتفسير عدم قيام الجيش بإخلاء البؤر غير القانونية، بأنه سيتم إخلاء البؤر الاستيطانية الثلاث التي أقيمت على أراض فلسطينية خاصة وترتع فيها نحو مئة عائلة. في المقابل تقرر أن تضفي الحكومة شرعية على بؤر استيطانية عشوائية أخرى أقيمت على «أراضي دولة» في الضفة الغربية، أي أراضٍ فلسطينية عامة تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي، وذلك من خلال المصادقة عليها فوراً وبأثر رجعي، علماً بأن «خريطة الطريق» الدولية طالبت إسرائيل بإخلاء كل البؤر ويفوق عددها، بحسب إحصاء إسرائيلي رسمي، المئة. لكن اللافت هو ما لمّح إليه نتانياهو، بعد ساعات قليلة من الاجتماع، وذلك في اجتماع لكتلة حزبه «ليكود» مساء أول من امس، إلى أن مواصلة البناء في المستوطنات ليست بالأمر السهل إزاء الضغوط الدولية التي تمارَس على إسرائيل. وقال إنه لا يمكن تحدي كل العالم «لأنه يجب علينا إدراك الواقع الدولي الشائك جداً». واعتبر مراقبون كلام نتانياهو انتقاداً لقادة المستوطنين ونواب المعسكر المتشدد في حزبه الذين يطالبونه بزيادة أعمال البناء في المستوطنات وبنشر عطاءات بناء جديدة، وقال إن «هؤلاء لا يدركون أين يعيشون». وأضاف: «كرئيس للحكومة أتحمل المسؤولية الكاملة عن الدولة، وأرى في الوقت الحالي أن الأمر الأهم هو أن نحافظ على أعمال البناء الجارية حالياً وتقوية المستوطنات القائمة». وتابع: «إننا نعيش الآن في خضم واقع دولي صعب للغاية يتغير فيه سلم الأولويات في الشرق الأوسط برمته، وهذا ما يستوجب أخذه في الاعتبار». وتابع أن فرض فيتو أميركي في مجلس الأمن (ضد مشروع قرار يدين إسرائيل على استمرارها في أعمال البناء في المناطق المحتلة) تمّ بعد جهد مضنٍ. وزاد أنه يجب التزام الحذر في هذا الشأن، وأن يتمحور الحديث في أعمال البناء التي يجرى تنفيذها وليس في أعمال بناء جديدة. ورداً على سؤال وجهته الإذاعة الإسرائيلية العامة إلى الوزير دان مريدور عما إذا كان نتانياهو قرر حقاً أن يأخذ في حساباته الضغوط الدولية في مسألة البناء في المستوطنات قال مريدور إنه لا يعقل أن ترد إسرائيل على الفيتو الأميركي ب»هدية للرئيس باراك اوباما تتمثل في عمل غير لائق، وهذا ما قصده نتانياهو في أقواله». وتابع أن غالبية أعضاء «ليكود» تدرك حقيقة ما يحصل في العالم، و»باتت تعي وجوب أن تلتقي مصالحنا مع مصالح العالم الذي دعمنا في فترات مختلفة». وزاد أنه يجب مواصلة البناء في الكتل الاستيطانية الكبرى وفي القدس، «لكن ليس في مستوطنات صغيرة يفترض أن تكون الأراضي المقامة عليها ضمن حدود الدولة الفلسطينية العتيدة التي تحدث عنها نتانياهو». وقال وزير الدفاع ايهود باراك إن الجيش لن يتردد في فرض سيادة القانون أيضاً في البؤر الاستيطانية، مضيفاً أنه سيتم الاقتصاص من الجندي الذي رفض العودة إلى فرقته العسكرية احتجاجاً على هدم منزل لأحد جيرانه في المستوطنة المذكورة.