قال مسؤولون وديبلوماسيون غربيون إن اجتماع مجلس الامن حول الأوضاع الانسانية في سورية وأزمة اللاجئين للخارج والنازحين في الداخل لن يترتب عليه نتائج فورية على الارض، مشيرين إلى استمرار الانقسام في مجلس الامن الدولي والصعوبات أمام اتفاق يرضي جميع الأطراف. وقال ديبلوماسي غربي في هذا الصدد: «يمكن ان تساعد المحادثات على تحريك الأفكار». وفيما ركز اجتماع وزراء خارجية مجلس الأمن أمس على التخفيف من الأزمة الإنسانية في سورية لكن غياب وزراء الولاياتالمتحدةوروسيا والصين يبرز على الأرجح حالة الشلل التي أصابت مجلس الأمن حول كيفية إنهاء الصراع المستمر منذ 17 شهراً. وكانت فرنسا التي تتولى الرئاسة الدورية للمجلس في آب (اغسطس) تأمل أن يتمكن المجلس من توحيد الصف للتعامل مع أزمة المساعدات الانسانية، لكن الحقائق على الأرض تشير الى صعوبة تحقيق تفاهم يغير من واقع الامر للسوريين، ففيما تريد دول من تركيا تحركاً دولياً لانشاء مناطق آمنة داخل سورية لحماية اللاجئين والنازحين، يبدو هذا السيناريو مستحيلا مع رفض روسيا والصين له، إضافة الى تحفظات دول اخرى على مثل هكذا خطوة لانها يمكن ان تعني حرباً مع النظام السوري. وفيما يشارك في اجتماع مجلس الأمن وزراء خارجية دول مجاورة لسورية مثل تركيا ولبنان والأردن، فإن وزراء الدول الأعضاء في مجلس الامن لن يحضر منهم إلا أقل من النصف. ومن بين الأعضاء الدائمين لن يحضر إلا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ونظيره البريطاني وليام هيغ. ويقول ديبلوماسيون إن مجلس الامن لن يتخذ أي إجراء إزاء سورية باستثناء الإعلانات المحتملة عن مبادرات تقديم المساعدات من دول منفردة. وقال مصدر ديبلوماسي فرنسي: «كنا نريد قراراً حول القضايا الإنسانية لكننا واجهنا رفضاً مزدوجاً... فالولاياتالمتحدة وبريطانيا تريان أننا وصلنا لنهاية ما يمكن تحقيقه في مجلس الامن وموسكووبكين تقولان إن مثل هذا القرار سيكون منحازاً». ويبرز قرار وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التغيب عن الاجتماع وجهة نظر بلادها بأن وقوف موسكو بجانب النظام السوري يجعل من غير المجدي إجراء المزيد من المحادثات. وقررت فرنسا عقد الاجتماع الوزاري بأي حال باعتباره «دعوة للضمير الدولي ومناشدة لنظر القضايا الإنسانية من دون إغفال الجانب السياسي». وهناك أكثر من 200 ألف سوري أو ما يصل إلى 300 ألف طبقاً لبعض منظمات الإغاثة فروا من سورية منذ اندلاع الانتفاضة في العام الماضي في حين أن هناك ما يصل إلى ثلاثة ملايين نازح داخل سورية. وتريد تركيا التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين حلاً لهذه المشكلة لكن داخل الاراضي السورية ما يعني ضمناً اقامة مناطق آمنة. وقال ديبلوماسيون إن إقامة منطقة عازلة للنازحين السوريين ستكون صعبة لأنه سيكون مطلوباً أن يصدر مجلس الامن التابع للأمم المتحدة قراراً بإقامة منطقة حظر جوي لحماية المنطقة ولن توافق روسيا او الصين على مثل تلك الخطوة. وفي حين ان الولاياتالمتحدةوفرنسا ودولاً أخرى قالت إنه تجري دراسة منطقة حظر طيران، فإنها لم تبد حماساً كبيراً لتقديم الدعم العسكري والجوي اللازم لمثل هذا الاقتراح. وقال السفير الفرنسي في الأممالمتحدة جيرار أرو إن منطقة حظر طيران ستكون على طاولة المفاوضات. وقال أرو: «المجلس منقسم بشدة، بعض الدول يقول إن على الأسد الرحيل في حين أن دولا أخرى أعضاء في مجلس الأمن لا تتخذ الموقف ذاته وهذا انقسام عميق جداً». وقال وزير الخارجية الفرنسي فابيوس إن الاجتماع يبحث سبل مساعدة الجماعات والأفراد الذين يعملون داخل سورية ورفع الضغوط عن دول الجوار. وقال ديبلوماسي غربي: «من المحبط حقاً أن نعجز عن فعل ما هو أكثر». ويعتبر ديبلوماسيون وخبراء ان اقامة مناطق عازلة لاستقبال اللاجئين امر «شديد التعقيد». واوضح فابيوس قبل ايام لاذاعة فرانس انتير: «اذا تجمع هؤلاء الناس (اللاجئون) في مناطق محررة يسيطر عليها الجيش السوري الجديد، فسيتطلب الامر حمايتهم. وهذا ما يدعى منطقة عازلة. نحن في صدد التفكير بالامر». لكنه اضاف: «انه امر شديد التعقيد. لا يمكننا القيام به من دون موافقة الاتراك ودول اخرى». وبالمعنى الدقيق للكلمة، فإن «منطقة عازلة» تنشأ عموما بعد اتفاق بين الاطراف. وفي حال الدخول الى المنطقة من دون اذن مسبق، فان نظام انذار ينطلق، كما اوضح مصدر عسكري صناعي. ونحى الرئيس السوري بشار الاسد هذا الخيار. وقال لشبكة الدنيا التلفزيونية الخاصة الموالية للنظام: «اعتقد ان الحديث عن مناطق عازلة اولاً غير موجود عملياً، ثانياً غير واقعي حتى بالنسبة للدول التي تلعب الدور المعادي او دور الخصم». وأقر فابيوس بأن اقامة مناطق عازلة يتطلب اقامة منطقة حظر جوي جزئي. وقال: «اقامة منطقة عازلة من دون منطقة حظر جوي امر مستحيل»، مشيراً الى «ان هذا شيء لا تستطيع القوات الفرنسية القيام به وحدها». واضاف: «من اجل توفير الحماية (للاجئين) يتعين توفير وسائل مضادة للطيران ووسائل جوية»، متحدثاً ايضاً عن قوات برية. عسكريا، من الممكن اقامة منطقة عازلة مع حظر جوي بواسطة انظمة دفاع مضادة للطيران على الارض وطائرات اواكس (طائرات المراقبة الجوية). لكن ذلك يستدعي قراراً ملزماً وفق الفصل السابع في مجلس الامن الدولي، وهو امر يتفق الجميع على صعوبته بسبب بكينوموسكو. كما ان اقامة منطقة حظر جوي فوق اجزاء من سورية ستشكل تدخلا، كما يقول الخبراء، حتى ولو كان بامكان الغربيين التذرع بان الاراضي التي يشملها الحظر الجوي خارجة عن السلطة المركزية وتقع تحت سيطرة الجيش السوري الحر. واوضح فرنسوا هايزبورغ من مؤسسة الابحاث الاستراتيجية «ستعتبرها سورية بمثابة عمل حربي». والامكانية الوحيدة بحسب الاختصاصيين هي ان تتذرع تركيا التي باتت تعاني من تدفق اللاجئين، بالمادة 51 من شرعة الاممالمتحدة حول الدفاع المشروع والمادة الخامسة من نظام الحلف الاطلسي التي تنص على تعبئة كل اعضائه في حال هجوم او تهديد خطير ضد احدهم. وقال هايزبورغ: «من دون قرار، انه الخيار الوحيد. وهذا يفترض حصول ازمة انسانية كبرى». كما ان في امكان حكومة محتملة تمثل المعارضة السورية، في حال تم تشكيلها وحظيت باعتراف قسم كبير من المجتمع الدولي، ان تطلب مساعدة الحلف الاطلسي حتى ولو ان هذا الاحتمال غير مرجح كثيراً على المدى القصير. واوضح المصدر العسكري الصناعي ان «الحلف الاطلسي يمكنه تولي الامر ولكن من دون ان يكون هناك تحرك تلقائي».