اتخذ رب الأسرة الصيني زانغ كياوفنغ قراراً صعباً يقضي بالتخلي عن مسيرته المهنية الناجحة كرئيس شركة أبحاث طبية وملازمة المنزل لقراءة قصص للأطفال. لكن زانغ شعر بأنه ملزم هذا الخيار، شأنه شأن عدد متزايد من الأهل الصينيين الذين بدأوا يديرون ظهورهم للنظام التعليمي الرسمي الصارم القائم على الامتحانات. ويقول زانغ المتخرج في إحدى أهم الجامعات في البلاد إن «النظام التعليمي في الصين يعاني مشاكل. أريد أن يتلقى ابني تعليماً يركز أكثر على المشاركة بدلاً من أن يتكلم الأستاذ ويكتفي التلاميذ بالإصغاء». وفي شقة صغيرة في ضواحي بكين، يعلم زانغ ابنه هونغوو لمدة أربع ساعات يومياً، بعد أن كان الصبي البالغ من العمر سبع سنوات يجلس في الصف لمدة ست ساعات في المدرسة الابتدائية. وفي غرفة الجلوس حيث يعلم زانغ ابنه، يعدد رب الأسرة سلسلة من المشاكل التي يعانيها النظام التعليمي في الصين، بدءاً مما يسميه «الهوس» بنتائج الامتحانات وصولاً إلى أسلوب التعليم السلطوي. ومع ذلك، حققت الصين تطوراً ملحوظاً بتوفير التعليم للجميع في كل أنحاء البلاد. فبعض المدن مثل شنغهاي يسجل نسبة مرتفعة في مجال الالتحاق بالمدرسة، وتشير الأممالمتحدة إلى أن معدل التعليم لدى الشباب في الصين يبلغ 99 في المئة. لكن كثيرين من الأهل يشتكون من النظام التعليمي القائم على الحفظ والامتحانات، ما يحتم على التلاميذ تمضية ساعات طويلة في الصف. فالأطفال الصينيون يمضون 6.8 ساعة يومياً في المدرسة كمعدل عام، فيما يمضي بعضهم 12 ساعة داخل قاعة الصف، وفق ما أظهر استطلاع أجراه مركز الأبحاث الخاصة بالأطفال والشباب في الصين. ويقول الباحث في السياسات التعليمية لاو كايشنغ، إن عدداً متزايداً من الأهل الصينيين يطالب بإعطاء رأيه في طريقة تعليم أبنائه. ويضيف: «شهد التعليم في المنزل ارتفاعاً سريعاً، خصوصاً في السنوات القليلة الماضية». ويشرح أن «الأهل الذين يعتمدون التعليم في المنزل تكون لديهم عادة متطلبات أكثر صرامة في مجال التعليم ويشعرون بأن المدرسة لن تلبي حاجات أولادهم». وفيما تغيب الإحصاءات الرسمية المتعلقة بنسبة الأهل الذين يعلمون أولادهم في المنزل، يقدر لاو هذه النسبة بأقل من 1 في المئة. ومن بين هؤلاء الأهل يو يويجين الذي انتقل من منطقة زيجيانغ الصناعية الشرقية المزدهرة إلى بلدة دالي الجميلة والهادئة لتوفير بيئة أفضل لولديه. ويقول يو إن «الأطفال الصينيين يتعلمون المنافسة منذ سن صغيرة. والتلاميذ الذين لا يستطيعون المنافسة يتم إلغاؤهم ويتعرضون لضغط كبير».