أدهم صار طبيباً بالقوة، ولكن، ليس بإرهاب الأساتذة ولا برشوة عميد الجامعة ولا بإيجاد بديل يقدّم الامتحانات نيابة عنه. أدهم كان ضحية إرهاب والده الذي كان يضربه ويعنّفه منذ صغره، مع أنه كان مجتهداً، ولكنه كان يرفض دراسة الطب... وتحت الوطأة وجد نفسه طبيباً ناجحاً. تزوج وأنجب، لكن عينه بقيت على السينما، كان يرغب في أن يصبح مخرِجاً. «سينما يا ابن الكلب!»، كان يكيل له والده صفعاً وضرباً بالحزام، فقتل أدهم حلمه. وفي مقابل أدهم، كان رامي الصغير الغليظ الذهن، يدرس على مهل، تارة على وقع السلحفاة التي تبلغ هدفها ببطء، وتارة أخرى على وقع دبيب النملة المجتهدة. كانت أم رامي تحتضنه وتعلّمه باللين والمَثَل وكثير من الصبر. أخيراً، وبعد إعادتين أو ثلاث، حاز رامي شهادة في إدارة الأعمال وأصبح صاحب معمل للطلاء. تربية الأبناء والبنات ما تزال مثار جدال بين أنصار الشدة وأنصار اللين. وهي تتأثّر وتتنوّع أساليبها وفقاً لظروف اجتماعية ومادية، وأهواء ثقافية. وأخيراً، أثارت الاستاذة الجامعية الصينية - الاميركية آيمي شوا جدلاً واسعاً على جانبي المحيط الهادئ، جراء قولها في كتاب ان تعليم الاطفال «على الطريقة الصينية» القائمة على المنع والنخبوية افضل من «التراخي» الذي يطبع نمط التعليم الغربي. فقد أصدرت شوا، استاذة القانون في جامعة يال الاميركية المرموقة، كتاباً حمل اسم «باتل هايمن اوف ذا تايغر ماذر» (نشيد المعركة للأم النمِرة)، تقارن فيه بين طريقة التربية الصارمة والطريقة التي تترك للطفل حرية الخيارات. وهي تمتدح مزايا «الإكراه» مقارنة مع السياسة القائمة في العائلات الليبرالية، حيث يطلب من الطفل «بذل جهده» ما يؤدي بنظرها الى الخمول. وتبدأ الكاتبة في استخلاص النتائج من قصتها هي قبل أي شيء، فهي فتاة من عائلة صينية غادرت الفيليبين واستقرت في الولاياتالمتحدة، وقد نشأت في بيئة تعليمية صارمة جداً، فرضتها على بناتها ايضاً. وكتبت شوا: «يتساءل العديد من الاهل كيف يربي الاهل الصينيون اطفالهم بحيث يحققون نجاحات دائماً، ويتساءلون ما الذي يفعله الاهل ليخرجوا من اطفالهم هذه العبقريات في الرياضيات والموسيقى». وأضافت: «انا استطيع ان اجيبهم، لأني حققت ذلك»، مستعرضة في اجابتها الواقع العائلي الذي نشأت فيه، على ما يظهر في المقاطع التي نشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال» من الكتاب. وتقارن شوا بين الأم الاميركية والأم الصينية، فتقول ان ثلثي الامهات الاميركيات يعتقدن ان الإلحاح على الطفل دراسياً امر غير مفيد، في حين لا صينيات يقلن ذلك. وتعدد الامور التي كانت تحظرها تماماً على ابنتيها صوفيا ولويزا، فتذكر الحفلات التنكرية بلباس النوم، والمشاركة في مسرحية في المدرسة، ومشاهدة التلفزيون، واللهو على الكومبيوتر، واختيار نشاطاتهما الترفيهية بنفسيهما. وتقول شوا ان من غير الوارد تماماً ان تحصل واحدة من ابنتيها على درجة (علامة) اقل من الدرجة العليا في صفها، او ان تعزف على غير البيانو او الكمان، وهما تتابعان دروساً إلزامية في العزف على هاتين الآلتين. وقد شاركت صوفيا في سن المراهقة في حفل موسيقي على خشبة مسرح كارنيغي هول الشهير. وتروي هذه المرأة الصينية الاميركية، في سياق حديثها عن صرامتها في التربية، كم صدمت مدعويها لحفل عشاء ذات يوم بكيفية معاملتها المهينة لابنتها، وهي برأيها طريقة تدفع نحو الأفضل. أثارت المقاطع المنشورة من هذا الكتاب على شبكات التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» موجة من ردات الفعل الغاضبة. فقد وصفت بعض التعليقات الأم بأنها «وحش» و «طاغية»، وتوعدها عدد من مستخدمي الانترنت بتمرد لا مفر منه تنفذه ابنتاها عليها. وقالت آيمي انها تلقت بالبريد تهديدات بالقتل. وتشكلت على موقع «فيسبوك» مجموعة تضم المعارضين لنظرية شوا حول «فوقية الامهات الصينيات»، وهن برأي الكاتبة لسن بالضرورة صينيات اصلاً او ولادة. وفي الصين، لم يثر الكتاب ضجة بحجم الضجة في الولاياتالمتحدة، وبرأي الاكاديمي في جامعة «نورمال» في بكين، لاو كيشنغ، فإن الكتاب سيلاقي صدى كبيراً في بلاده. وقد أدت سياسة الطفل الواحد في الصين الى وجود 90 مليون طفل وحيد، يطلق عليهم اسم «الامبراطور الصغير» لكونهم مدللين جداً، لكن المنافسة تتزايد بسبب سياسة الانفتاح الاقتصادي وتنامي الاقتصاد. ويضيف لاو: «في الماضي كان الأهل أكثر تسامحاً مع اطفالهم في ما يتعلق بالنتائج الدراسية». - بريطانيا «الأسوأ» بين بلدان العالم المتقدم - ثلاثية «اسكت» و «قيام» و «عيب»... خارج التداول قسرياً - كلمة «الشارع» في المغرب... تليّن تشدّد الآباء - القسوة تنتج ظاهرة الأبناء القتلة - أين حدود حرية الطفل؟ - «ديموقراطية» الاهل مُفرطة والضبط الإيجابيّ هو الحلّ في لبنان