بعد نحو عشرة شهور من البث التجريبي الذي كان يمتد ساعات في اليوم، باشرت فضائية «روناهي» الكردية خلال الشهر الجاري، بثَّها العادي على مدار الساعة، ليرتفع عدد الفضائيات الكردية إلى نحو ثلاثين محطة مختلفة المشارب والتوجهات والاهتمامات. الفضائية الجديدة «روناهي» (مفردة كردية تعني النور أو الضياء) ستغطي تطورات الأوضاع في سورية ومستجداتها، وفي غرب كردستان (تعبير يطلقه القوميون الأكراد على المناطق الكردية في الشمال السوري أسوة بتعابير مماثلة تُطلق على المناطق الكردية في كل من العراق وتركيا وايران)، ويضيف القائمون على القناة أنها ستكون «صوتاً لكل السوريين الأحرار الديموقراطيين الذين ينشدون سورية جديدة لجميع أبنائها، سورية مستقلة تقوم على قيم الديموقراطية والإخاء والمواطَنة». وإذا كان من المبكر الحكم على أداء هذه القناة الوليدة، ومدى قدرتها على تجسيد شعاراتها الطموحة عبر برامجها، فإن ما لفت النظر منذ البداية، هو اقترافها خطأ مهنياً لا يمكن تبريره، هذا اذا تجاهلنا أخطاء أخرى لا مجال لسردها في هذه العجالة، وهو اعادة المحطة نشرتها الاخبارية المفصلة في اليوم التالي، مع كتابة صريحة في أعلى الشاشة تقول «إعادة». من المعروف ان الإعادة مقبولة، بل ومطلوبة في الفضائيات اذا ما تعلق الامر ببرنامج حواري او باستطلاع او ريبورتاج او حتى تقرير إخباري، أما أن تُعاد نشرة الأخبار بعد مرور 24 ساعة، ففي ذلك «مجازفة غير محسوبة» تخلط الأوراق وتربك المشاهد، وخصوصاً ان الفضائية التي نتحدث عنها تهتم ببقعة جغرافية هي سورية، التي تتلاحق فيها الاحداث وتتجدد على نحو يصعب على الفضائيات العتيدة مواكبتها، فكيف تتجرأ فضائية على إعادة نشرة أخبار الأمس بينما يسمع المشاهد أخباراً جديدة على رأس كل ساعة؟ سيتذرع القائمون على فضائية «روناهي» بأن الفضائية شرعت في بثها الرسمي قبل أيام قليلة، وهي تفتقر إلى الإمكانات والكوادر الإعلامية والمراسلين الميدانيين، فضلاً عن صعوبات العمل الإعلامي في سورية... كل هذا صحيح، لكنه لا يمثل مبرراً لتكرار نشرة الأخبار، إذ يمكن الفضائية الجديدة مثلاً، أن تبث الأغاني (وللأكراد شهرة واسعة في هذا المجال) وان تستعين بأرشيفها وحتى بأرشيف «الفضائيات الشقيقة» كي تسد العجز لديها، لا أن تعيد أخباراً استهلكت في الفضائيات العربية والعالمية. باستثناء هذا «الخطأ القاتل»، فإن «روناهي» تجتهد في تسليط الضوء على هموم الأكراد السوريين وعلى وقائع الثورة السورية، وهي تحظى بنسب مشاهدة عالية في المناطق الكردية، ذلك أنها أول فضائية تستهدف الأكراد السوريين وتعبّر عن تطلعاتهم، بعدما كانوا مجرد موضوع عابر في قنوات إخوتهم الأكراد، تلك المشتتة والمنقسمة في الفضاء، كجغرافية كردستان المنقسمة على الأرض.