في كتابه الصادر عن دار «التنوير» بعنوان «الدين والتديّن: التشريع والنص والاجتماع» يشرح عبدالجواد ياسين العلاقة بين الدين الذي يقدّم ذاته كحقيقة مُطلقة مقبلة من خارج الاجتماع، والتدين الذي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالتاريخ إلى أن أدّى إلى تضخيم الدين نفسه. وينقسم الكتاب الضخم إلى فصلين: «الاجتماع المنصوص... النصّ في سياق المنزول» و «النصّ في سياق التطور... تضخم البنية الدينية». يطرح الكاتب سؤالاً: «هل يُمكن القانون الذي يُعالج مُعطيات نسبية ومتغيّرة، أن يكون جزءاً من الدين ك «حقيقة مُطلقة»؟، ثم يعمد على مدى 430 صفحة إلى البحث عن أسباب العلاقة بين مفهومي الدين والتدين والفرق بينهما، مُعتبراً أنّ النصّ الديني «الصحيح» يتضمن ما هو مُطلق ثابت يُمكن وصفه بأنه من «الدين في ذاته» وما هو اجتماعي قابل للتغيير ولا يجوز إلحاقه بالدين في ذاته. ويؤكّد أنّ الإيمان بالله والأخلاق الكليّة، وحدهما، المطلق في الدين، أمّا التشريع فهو مرتبط بالتاريخ. وعلى امتداد هذا التاريخ تراكمت حول النص منظومات من الرؤى والمفاهيم والأحكام، مكوّنة ثقافة دينية أوسع من منطوق البنية الدينية التي يحملها النصّ. وصارت مفردات من هذه الثقافة التي أفرزها التديّن جزءاً من «الدين في ذاته» أي البنية ذات الطبيعة المطلقة. ومن خلالها تسرّبت إلى الدين عقائد وتكاليف ذات أصول ودوافع سياسية واقتصادية، فضلاً عن «نزوعات» الغرائز البدائية التي تدفع إلى القتل والكراهية.