اتجهت الأزمة الليبية إلى مزيد من التصعيد، مع درس قيادات «تحالف الثوار» المنضوية في إطار عملية «فجر ليبيا»، تشكيل حكومة منافسة للتي يرأسها عبد الله الثني المدعوم من البرلمان المنتخب حديثاً، بعدما قرر «الثوار» نزع الشرعية عنه. إذ دعوا المؤتمر الوطني (البرلمان المنتهية ولايته) إلى استئناف أعماله «حفاظاً على مكاسب ثورة 17 فبراير». أتى ذلك بعد بسط «الثوار» الذين يهيمن عليهم التيار الإسلامي، سيطرتهم على العاصمة الليبية ومطارها الدولي، واجتياحهم مقار خصومهم الليبراليين المتحالفين مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر قائد «الجيش الوطني» الذي منحه البرلمان الجديد صفة الشرعية من خلال دعمه في حربه على الإسلاميين. ولاحت ملامح أزمة بين ليبيا ودول الجوار، بعد اتهام قوات «فجر ليبيا» مصر والإمارات بالوقوف وراء غارات شنتها طائرات مجهولة على مواقعها في طرابلس السبت ومطلع الأسبوع الماضي، ما استدعى رداً من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي نفى «وجود طائرة أو قوات مصرية في ليبيا»، مؤكداً أن «أي طائرة مصرية لم تقم بعمل عسكري داخل الأراضي الليبية، وقواتنا داخل أراضينا». وأضاف: «لم نقم بأي عمل عسكري خارج حدودنا حتى الآن» (راجع ص 4 و6). أتى ذلك عشية استضافة القاهرة الاجتماع الوزاري الرابع ل»دول جوار ليبيا» لمناقشة سبل احتواء الوضع المضطرب في هذا البلد. وأعلنت الخارجية المصرية أن وزراء خارجية ليبيا والجزائر وتونس والسودان وتشاد ومصر سيشاركون في الاجتماع، إضافة إلى مسؤول من النيجر والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، وداليتا محمد داليتا وناصر القدوة، مبعوثيّ الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية إلى ليبيا. وبلغ الخلاف ذروته بين الأطراف الليبية بعد قرار البرلمان الذي يحظى بدعم إقليمي ودولي، اعتبار قوات «فجر ليبيا» و»أنصار الشريعة» جماعات إرهابية، بعد سيطرتها على مطار طرابلس، ودعمه عملية «الكرامة» بقيادة حفتر ضد هذه الجماعات التي اتهمت في المقابل البرلمان وحكومة الثني بالتورط بغارات على طرابلس شكلت «انتهاكاً للسيادة الليبية»، كما قال ناطق باسم «الثوار»، داعياً «المؤتمر الوطني» إلى العودة لممارسة مهماته. وأبلغ «الحياة» الناطق باسم المؤتمر عمر حميدان بعد إعلانه تجاوب البرلمان المنتهية ولايته مع هذه الدعوة، أن «المؤتمر سيبحث في اجتماعه المقبل تشكيل حكومة أزمة انتقالية لتسيير شؤون البلاد تمهيداً لحوارات حول تسليم السلطة إلى البرلمان». وبرر حميدان هذه الخطوة بأن «مجموعة النواب الذين اجتمعوا في طبرق خلال الأيام الماضية، لم يتسلموا السلطة الاشتراعية وفق خريطة الطريق التي وضعها المؤتمر»، ما شكل انتهاكاً للإعلان الدستوري الموقت. ونبه حميدان إلى أن «القرارات التي اتخذتها هذه المجموعة لم تكن من اختصاصها ومن بينها الدعوة إلى التدخل الخارجي وحل التشكيلات المسلحة للثوار والتي تنتشر على نحو 85 في المئة من الأراضي الليبية». وقلّل الناطق باسم المؤتمر من شأن الاعتراف الدولي بشرعية جلسات البرلمان الجديد، ورأى أن «هذا التباين والخلاف شأن داخلي يُحتكم فيه إلى القضاء الليبي». واعتبر أن اجتماع البرلمان في مدينة طبرق «كان تماهياً مع الانقلاب الذي قاده حفتر على السلطة الشرعية في محاولة لتكرار تجربة دولة مجاورة».