كذبت كل التيارات أعينها في أول جمعة بعد تنحي الرئيس السابق (حسني مبارك في 18/2/2011) وهي ترى إستحواذ الإسلام السياسي على منصة التحرير وإزاحة كل التيارات الأخرى من عليها، ورفضت في حينه تفسير هذا المشهد بوصفه مؤشراً على سياسات إستحواذ وإقصاء قادمة. الكلام السابق لم أقله أنا وإنما هو جزء من إفتتاحية عنوانها «ثورة الشك... 25 يناير من التوريث الى الأخونة» كتبها الأستاذ محمد عبدالهادي علام، رئيس تحرير «الأهرام» في حينه ونُشرت في الخامس من هذا الشهر فلم يحل العاشر من هذا الشهر حتى كان يخلفه في رئاسة التحرير الأستاذ عبدالناصر سلامة، بعد أن إختار نظام الأخوان المسلمين أنصاراً أو متعاطفين لأعلى المراكز في الإعلام الرسمي وشن حرباً على خصومه، وما حدث من إغلاق مدينة الإعلام في 6 اكتوبر والإعتداء على الصحافيين هناك دليل كافٍ. وهل رفع قضايا على صحافيين بتهمة إهانة الرئيس عودة الى قانون العيب في الذات الملكية؟ كنت كتبتُ في الخامس عشر من هذا الشهر مقالاً عن أن ستاراً حديدياً هبط على مصر بعد فوز الجماعة بالرئاسة وبغالبية في البرلمان، وإتصل بي الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، محتجاً وقال إنني أسمع لفريق واحد، ولا أستمع للآخرين. علاقتي بالدكتور عصام قديمة ومباشرة وجيدة، وقد رشحته يوماً لرئاسة مصر، وكانت لي جلسة طويلة معه عشية إنتخابات الرئاسة ونقلت ما سمعت منه في هذه الزاوية. وكنت بعد إنتخابات مجلس الشعب في 2010، وقبل أحداث تونس لا أحداث مصر التالية، كتبت مرتين أن النتائج لا يمكن أن تكون صحيحة والأخوان المسلمون لم يفوزوا بأية مقاعد، وطالبت الرئيس مبارك بإلغاء الإنتخابات في الوقت المناسب، وإجراء إنتخابات جديدة. طبعاً الرئيس لم يصغِ الى نصحي فعدت وكتبت ومبارك في الحكم أن إنتخابات 2010 مزورة. أحاول جهدي أن أكون موضوعياً، ولا فضل في إنصاف الأخوان اليوم وهم في الحكم، لذلك أعود الى دفاعي عنهم وهم مضطهدون وفي المعارضة، فهم يتمتعون بشعبية كبيرة إنعكست في نتائج الإنتخابات الحرة الأخيرة. ما سبق لا ينفي أن للأخوان مشكلة كبيرة مع الإعلام المصري، فهم لا يتحملون النقد أو المعارضة، وأكتب وأمامي تحقيقان أميركيان عن الموضوع، واحد عنوانه «الزعيم الإسلامي لمصر متهم بخنق الميديا» والثاني عنوانه «الأخوان المسلمون يصلبون خصومهم». ما سبق ليس بالضرورة صحيحاً، إلا أنه يعكس شعوراً عاماً في بلادنا والعالم الخارجي عن تعامل الجماعة مع الميديا، ما يعني أن الرئيس محمد مرسي والحكومة المصرية بحاجة الى إتخاذ إجراءات واضحة تثبت أن الأخوان لم يحاربوا ديكتاتورية ليقيموا ديكتاتورية أخرى. في حديثي الهاتفي مع الدكتور عصام العريان سمعته يؤكد لي أن وضع الجيش والشرطة والأمن سيكون أفضل كثيراً منه في السنوات الثلاثين الماضية، ويزيد أن الأخوان لا يريدون إستثناء أحد أو تخوين أحد، وإنما البيئة السياسية غير موجودة وبحاجة الى بناء، والأخوان يحاولون جهدهم أن يبنوا مجتمعاً يتسع للجميع. أقول: إن شاء الله. الدكتور عصام قال إن مصر ليست عمر سليمان وأحمد شفيق، وأن الذين يريدون الهجرة من مصر كانوا جزءاً من الفساد ولم يعودوا يستفيدون منه. إتفقت مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشعب على أن يرسل اليّ بعد عيد الفطر بريداً إلكترونياً يتضمن رده على ما أثرت في المقال السابق وأسئلتي التالية، لذلك أكتفي من حديثنا بما سبق فأكمل بالإعلام، وأصرّ على أن لا خوف من إطلاق الحريات الصحافية، فحسن إستعمالها مطلوب، أما سوء الإستعمال فيرتدّ على صاحبه، ويفضح تطرفه وجهله بأصول المهنة. الإنسان، وأستعير هنا من قول للرئيس الاميركي كالفن كوليدج، لا يعتذر عن شيء لم يقله. والمعنى أن الإنسان (وهنا نتحدث عن الصحافي) الذي يطلق الكلام من دون أي شعور بالمسؤولية أو محاولة لتحري الحقيقة لا يدين محمد مرسي أو هشام قنديل وإنما يدين نفسه. يا أخوان إتركوا أمثال هؤلاء يقولون ما يريدون، فهم أفضل حجة على أنفسهم. [email protected]