الخلافات والصراعات بين السياسيين في العراق تتحول بسرعة إلى سيارات مفخخة ومتفجرات تقتل الأبرياء وترهبهم وتهدم المباني والمؤسسات على رؤوس ساكنيها وتسير بالعملية السياسية إلى المجهول. العراقيون يعيشون حالاً من الذهول أمام تفجيرات الأيام الدامية في بغداد والمحافظات الأخرى، التي تستهدف بشكل عشوائي عمال بناء فقراء يصطفون للذهاب إلى أعمالهم وتلاميذ صغاراً يستعدون للدخول إلى صفوف الدراسة وموظفي مؤسسات الدولة، ومئات غيرهم. العراقيون بحاجة الى معرفة من يقف وراء أعمال العنف التي تقتلهم وتقضّ مضاجعهم كل يوم، ويريدون معاقبة مرتكبي هذه الجرائم ومن يقف وراءهم ويسهّل أمرهم، بغض النظر عن هوية هؤلاء السياسية أو المذهبية أو القومية أو المناطقية، فهم مجرمون، ويريدون أن يعرفوا لماذا تعجز قوى الأمن والجيش عن حفظ الأمن في البلاد؟ العراقيون مستاؤون جداً من سلوكيات مجلس النواب العراقي، فالبعض يصفها بالمعادية والاستفزازية، والبعض الآخر يرفع يديه إلى السماء للدعاء ضد أعضاء البرلمان الذين لا يفكرون إلا بمصالحهم الشخصية ورفاهيتهم وبناء المشاريع الاسكانية الضخمة لانفسهم، في الوقت الذي يعاني فيه العراق أزمة سكن حادة بسبب ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات وعدم اهتمام الحكومات المتعاقبة بمعالجة المشكلة. ولا ننسى الجفاف الذي يضرب مساحات كبيرة من الأراضي العراقية خصوصاً مع انخفاض منسوب نهري دجلة والفرات، ما يدفع بفلاحين إلى الهجرة بحثاً عن العمل، حتى ان نسبة التصحر وصلت إلى حوالي 70 في المئة للأراضي الزراعية المروية و90 في المئة في المراعي نتيجة شح المياه بسبب تغيّر المناخ وسوء الإدارة في قطاع المياه. هذه الظروف التي يعيشها العراقيون وكثير غيرها تدفع المواطنين، على اختلاف طبقاتهم، متقاعدين او فلاحين أو خريجي جامعات لا يجدون وظيفة عمل مناسبة، الى الخروج في تظاهرات متواصلة تطالب بالحقوق العامة وتنتقد الفساد الحكومي الذي أضر كثيراً بالعراق وشعبه.