طالبت لجنة الزراعة والمياه والأهوار في البرلمان العراقي حكومة المالكي بالتحرك السريع لتشكيل مجلس أعلى للمياه يتولى الإشراف على السياسة المائية في البلاد لتدارك أزمة المياه وارتفاع الملوحة في مياه البصرة التي زارها رئيس الحكومة الخميس على خلفية تنامي أزمة ارتفاع الملوحة وشحة المياه. وقال عضو لجنة الزراعة والمياه والأهوار جمال البطيخ ل«الحياة» إن «اللجنة قدمت مشروعاً إلى البرلمان العراقي لتشكيل مجلس أعلى للمياه يتولى السياسة المائية ويقدم إنذاراً مبكراً للحكومة عن الكوارث الطبيعية الناتجة عن حالات الجفاف والتصحر». وأوضح أن «المجلس لم يناقش المشروع، وأن تأجيله إلى البرلمان المقبل سيؤول إلى كوارث من الصعب معالجتها». وأشار الى أن «هناك حالات نزوح واسعة من القرى الحدودية مع إيران وبعض المناطق الأخرى باتجاه المدن بسبب جفاف الأنهار القادمة من تركيا باتجاه العراق وانخفاض منسوب المياه في نهري دجلة والفرات وزيادة نسبة الملوحة في شكل كبير». وأوضح أن «هناك عشرات الكيلومترات من الأراضي المهددة بالتصحر في حال عدم تدارك الأزمة والتفاوض مع دول الجوار حول الموضوع». وأشار إلى «ضرورة التحرك باتجاهين: الأول داخلي يقضي بإتباع أساليب الري الحديثة بالرش والتنقيط والابتعاد عن الأساليب القديمة التي تهدر كميات كبيرة من المياه، والثاني خارجي بالتحرك نحو دول الجوار ومنحها استثمارات زراعية على نهري دجلة والفرات مقابل إطلاقها كميات مناسبة من المياه إلى العراق». ولفت إلى أن النزوح باتجاه المدن سيؤول إلى إرباك اقتصادي كبير، فضلاً عن كونه سيؤدي إلى زحف التصحر وزيادة الكثبان الرملية وتفاقم العواصف الترابية التي تضرب البلاد طوال فصلي الربيع والصيف. كما سيسفر ذلك عن انقراض أنواع كثيرة من الأسماك في جنوب العراق بسبب زيادة نسبة الملوحة بنسبة ألف ضعف عن المعدل الطبيعي. وقال البطيخ إن الزيارة الأخيرة للمالكي إلى البصرة جاءت متأخرة، وأن القضية ستخرج من اليد في حال عدم وضع الحلول المناسبة لها في شكل عاجل، لافتاً إلى أن البرلمان رفض المصادقة على الاتفاق الاقتصادي مع تركيا كونه لا يحوي أي بنود في خصوص مستقبل المياه في العراق. وطالب الحكومة بتضمينها بنداً عن الاطلاقات المائية التركية قبل المصادقة عليها في البرلمان. وأكد ضرورة لجوء الحكومة الى المجتمع الدولي وبعض الدول الأوربية الصديقة للوساطة في قضية المياه، وإيجاد الحلول الملائمة لها، مشيراً الى أن الأزمة باتت أكبر من أن تحتمل التأجيل. وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عقد اجتماعاً طارئاً مع مجموعة من الوزراء ورئيس وأعضاء مجلس المحافظة في مبنى المحافظة أثناء زيارته لها أول من أمس. وأكد أن الحكومة خصصت الأموال اللازمة لمعالجة مشكلة الملوحة والجفاف في أسرع وقت ولا سيما مياه الاستخدام المنزلي إلى جانب ري الأراضي الزراعية وفقاً لخطط قصيرة وطويلة الأمد. وأشار الى أن الشهر المقبل سيشهد إنجاز زيادة كميات المياه، وأعلن في الوقت ذاته إجراء مناقصة بمشاركة سبع شركات عالمية لإقامة مشاريع للمياه والخدمات في البصرة. ونقلت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية عن المستشار الاميركي في العراق لشؤون الأنهار والري والزراعة أن «حل أزمة مياه العراق يجب أن يحظى بأولوية قصوى لما تحتاج اليه من جهد دولي مكثف يضاهي السنوات العشرين من التدمير». وأضاف أن «تدمير مستنقعات العراق وأسلوب حياة عرب المستنقعات كان معلوماً منذ زمن، لكن الوعي بتدمير الزراعة والحياة الريفية في الأراضي المروية على نهري دجلة والفرات كان مجهولاً إلى حد ما». وأشار روبسون إلى أن «مسؤولي الحكومة العراقية فهموا المسألة في طرق مختلفة، كما اختلفت الأولويات عندهم».