ما زال باتمان، كعادته منذ 11 سنة، يقود سيارته «باتموبيل» ليعود أطفالاً مرضى في مستشفيات بالتيمور ومناطق أخرى في الولاياتالمتحدة، على رغم تداعيات حادث إطلاق النار في دار للسينما في أورورا. الرجل الوطواط، بزيّه الأسود الكامل، عمره 48 سنة واسمه ليني روبنسون. وهو طويل القامة، مفتول العضلات، وأب لثلاثة أولاد. ومنذ 11 سنة، دأب على ارتداء بزة «باتمان»، الثقيلة الوزن والمصنوعة من الجلد والمطاط، وتوزيع الهدايا على المرضى الصغار في المستشفيات لشدّ أزرهم. وكان الرجل نجماً محلياً في بالتيمور، حيث يقيم، إلى أن أوقفته دورية للشرطة، الربيع الماضي، وهو يقود سيارة «باتموبيل» الرياضية المطلية بالأسود. وصوّر أحدهم حادث التوقيف، ليلاقي شريط الفيديو هذا رواجاً عبر الإنترنت. ويقول روبنسون إن توقيفه كان بحجّة أن سيارته بلا لوحة تسجيل، واعتقد رجال الشرطة أنهم أمام «رجل في سيارة لامبورغيني يحاول أن يتحاذق»، إلى أن تبين لهم أن لوحة التسجيل موجودة داخل السيارة وأن «البطل الخارق» متوجه إلى مستشفى. ثم كثرت مشاركة روبنسون في مناسبات عامة بفضل شهرته الجديدة. ف «باتمان» هذا، يملك الوقت والمال. باع شركة التنظيفات التي كان يملكها، عام 2007، وحقق ربحاً وفيراً، ويقول مبتسماً: «منذ ذلك الحين وأنا أمضي وقتي في السباحة والقيام برحلات، وأقوم بدور باتمان الذي أعتبره عملاً بدوام كامل». في قسم جراحة العظام في مستشفى سيناي في بالتيمور، كانت الأجواء حماسية، إذ ركن «باتمان» سيارته الجديدة (وهي نسخة طبق الأصل عن سيارة بطل القصص المصورة) أمام المدخل، حيث تجمع أطفال على كراسٍ نقالة، ومعهم الأهل والطاقم الطبي. كانت قاعة اللعب في المستشفى جهّزت بأكسسوارات «باتمان»، مع مجسم للشخصية، ورسوم على الحائط، وعلب تلوين تحمل صورته، إضافة إلى أكواب وقمصان قطنية تحتفي بالوطواط. يقترب «باتمان» من فرح (6 سنوات) التي حُبست ساقاها في أربطة حديدية ليهمس شيئاً في أذن الطفلة الخجولة. يقول: «لا أسألهم أبداً كيف حالهم... فهم في المستشفى وعلى كراسٍ نقالة! بل أقول لهم إني سعيد للقائهم، وأقدم لهم هدايا، وأطلب منهم أن يحرصوا على أن تتحسن حالهم لأسعد بهم». أما الطبيب مدير القسم، جون هيرزينبرغ، فيشرح أنه «عندما يعلم الأطفال بوصول باتمان، تدبّ فيهم الحماسة، وكل ما يجنبهم التفكير في صعابهم وألمهم هو أمر جيد». ودخل «الرجل الوطواط» إلى حياة روبنسون عبر نجله «المهووس بباتمان... وأصبح هوسه هوسي أنا أيضاً»، فأنشأ جمعية خيرية باسم «سوبر هيروز فور كيدز.كوم» (أبطال خارقون من أجل الأطفال). وينفق رجل الأعمال السابق، الذي يقوم بزيارة طوعية مرتين في الشهر، نحو 60 ألف دولار سنوياً من ماله الخاص لشراء الهدايا للأطفال. وأنفق 215 ألف دولار على سيارة «باتموبيل» جديدة قدمها إلى الجمعية. وواجه «باتمان» هذا أول متاعبه بُعيد توجهه إلى كندا لشراء هذه السيارة الشهر الماضي. وكان رجل أطلق النار وأردى 12 شخصاً في قاعة سينما في كولورادو خلال العرض الأول لآخر أفلام «باتمان»، فألغى مستشفيان زيارته المقررة. وتقول الناطقة باسم مستشفى «سانت لويس» للأطفال في ميسوري إن «الوقت لم يكن مناسباً، بعد ثلاثة أيام من المجزرة»، موضحة أن دعوة أخرى ستوجه إليه لاحقاً. أما روبنسن فيقول: «أتفهم قرارهم وأحترمه، ولا أريد أن أحزن الأطفال أو أزعجهم»، مضيفاً أنه يتحدث بصوت «سبانج بوب» (إحدى شخصيات الرسوم المتحركة الشهيرة) حتى لا يخيف الأطفال الصغار بصوت «باتمان». ويضيف روبنسون، الذي جُدولت له زيارات في بيتسبرغ ونيويورك، وربما في أوروبا حيث تلقى دعوات: «أنا الجانب الفكاهي والمهذب والمحترم لباتمان، ولست الفارس الأسود الذي يسعى إلى إحقاق الحق».