لا جدال أن «فارس الظلام – الرجل الوطواط/ باتمان» دخل طوراً جديداً في مسيرته المتخيلة منذ أن دخل على خط التقاطع معه نوعياً المخرج البريطاني الأمريكي كريستوفر نولان، ودون التقليل من شأن التطور البالغ في المؤثرات البصرية وتقنيات البرمجة الرقمية في الوقت الذي جلس فيه نولان على كرسي الإخراج في أول أفلامه عن «باتمان»، إلا أن السر يكمن في الرجل الذي يجلس على الكرسي، وليس الكرسي بحد ذاته، بكل ما يحمله من مميزات توفرها شركات الإنتاج الكبرى وعلى رأسها «ورنر برذورز» المالكة لحقوق إنتاج مسلسلات وأفلام «باتمان» الرسومية والسينمائية. في فيلمه الأول «باتمان يبدأ» أو في محاولة تحويرية للترجمة «بداية باتمان»، يبدأ نولان الاشتغال على خلق أسطورة البطل الخارق الأكثر واقعية على الإطلاق، ولكن من خلال طرح مغاير لما تعودنا عليه في أفلام التسعينات التي كان أبرز من أخرجها المميز «تيم بورتون» والذي حاول الاقتراب من نمط الرواية الهزلية المصورة، لكنه ومن خلال تجربتين تستحقان الانتباه، لم ينجح في إخفاء هالة السطوة التي اكتسبها الجوكر الذي أدى دوره جاك نيكلسون في الفيلم الأول، والبطريق الذي أدى دوره داني دي فيتو في الفيلم الثاني، مما أضعف ولو بشكل عرضي القوة الكاسحة والكاريزما العالية التي يمتلكها «باتمان» في سلسلته الروائية المصورة. «نولان» هو الآخر مكن الجوكر «هيث ليدغر» من اكتساح كثير من المشاهد، ولكن من دون أي ضعف يمكن أن يكون في دور «باتمان» الذي كان سيد المشهد دون منازع، الأمر ذاته ينطبق على «تو فيس – ذو الوجهين» الذي أدى دوره آرون كارتر في «فارس الظلام» 2008م، ويمكن سحب الأمر كذلك على الدكتور جوناثان كراين «الفزاعة – سكايركرو» الذي أدى دوره سيليان مورفي، أو «رأس الغول» الذي أدى دوره ليام نيسون في «باتمان يبدأ» عام 2005م. لكن نولان مع حفاظه على مكانة «باتمان» كونه حجر زاوية أسطورة مدينة غوثام بكل ما يحيط بها من خيال، لم يستطع أن يخفي أثر معالجته لحكاية «فارس الظلام» الذي أصبح للقبه الثاني معاني عديدة مبطنة، بعضها ليس إيجابياً على الإطلاق. لقد أصبح واضحاً ومنذ الجزء الثاني في ثلاثية «نولان» أن هناك نوع من الطرح السياسي والنقد الاجتماعي العنيف المبطن في زوايا الفيلم، وكأن باتمان تعشى على لفاثيان توماس هوبز على مائدة يشاركه فيها أمير ميكافيلي بمباركة صقور المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية السابقة، إذ نجد بقليل من التروي والكثير من التشكك دلائل وعلامات على نظرية الخوف والبراغماتية التي تتيح التجسس على خصوصية الأفراد من أجل سلامة الأمن القومي، وإذ نرى في «رأس الغول» بأصوله العربية انتماء لتنظيم القاعدة!، لكن «نولان» يترك خط رجعة في محاولته تأكيد الخلاف على براغماتية «نفعية» باتمان، من خلال تقاعد «لوشيوس فوكس» أحد كبار الإداريين في «واين إنتربرايز» على خلفية الخلاف على حقوق الحرية الفردية التي يؤمن بعدم جواز انتهاكها رغم كل التبريرات التي يحاول «بروس واين» إقناعه بها. باعتقادي أن أحد أبرز عناصر القوة في فيلمي نولان السابقين وفيلمه الثالث «فارس الظلام ينهض– Dark Knight Rises « الذي سيعرض في شاشات السينما حول العالم في الأيام القليلة القادمة، هو كمية النجوم الذين يحاول أن يجعل خطوطهم الحركية تلتقي وباتمان في فيلم محدود الوقت ولكن من خلال تجزئة القصة في ثلاثة أفلام مع محاولة استيعاب التنقل الزمني بين كل قصة. موعدنا هذه المرة مع «باين» الذي سيؤدي دوره توم هاردي والذي ربما سيفاجئنا نولان باختياره خاتم ثلاثية «فارس الظلام»، هناك أيضاً «المرأة القطة / كات وومان» التي ستؤدي دورها آن هاثاواي، وهناك عودة لرأس الغول الذي يؤدي دوره مرة أخرى ليام نيسون في عمر متقدم، ويؤديه شاباً جوش بينس. نولان ينوي أن ينهي الثلاثية كما يليق، مع تحفظ بالغ على الأحداث، رغم توقعات من العشاق الذي يعرفون السلسلة جيداً وعلاقة باتمان بباين، ومحاولة حفظ الماء المتبقي في وجه هارفي دنت المحترق بعد موته، وظهور المفتش جون بلايك في هذا الجزء، وسيلينا كايل المرأة القطة، كل ذلك يقود إلى تخرصات لا نفع منها مع التكتم الشديد من قبل الشركة التي مولت مشروع الفيلم بمبلغ 250 مليون دولار، متخذة من مدينتي بيتسبرغ ولوس أنجلوس مكانين لتصوير مدينة غوثام المحتشدة بالمجرمين والمجانين والمسوخ. من هو ديك غرايسون؟ قد لا يطرق هذا الاسم جرساً عند البعض، لكن عشاق سلسلة باتمان الرسومية، يعرفونه جيداً، إذ حاول هذا الشاب الفتي أخذ دور باتمان مرتين، إحداهما في حياته عندما أصيب باتمان في ظهره بشدة، والثانية بعد مماته. وعلى الرغم من أن غرايسون كان يعمل كبطل خارق تحت اسم "جناح الليل - نايت وينق"، إلا أنه حاول أن يمارس دور "فارس الظلام" مرتين ليعود بعدها إلى شخصيته الأصلية! مراحل تطور شخصية باتمان عبر الروايات الهزلية المصورة (الكوميكس) 1939م: ظهور شخصية البطل الخارق وسماته الأولى البدائية في محاربة أشرار مدينة غوثام المتخيلة. 1952م: لقاؤه بسوبرمان، واكتشاف كل منهما الشخصية الحقيقية للآخر، والاتحاد لتحقيق العدالة. 1964م: التغيير على صعيد المظهر الخارجي، وتحسن جانب العنف من باتمان ومحاولة مواءمته منطقياً في تحقيق العدالة، وفي نهاية الستينات أصبح الفنان الذي يرسم باتمان هو نيل آدامز، بينما تولى الكتابة دنيس أونيل. 1988م: حقبة فارس الظلام وتغير "باتمان" ومحاولة سبر ماضيه بطريقة مختلفة وازدياد الظلال ودرجات الأسود مع رسوم براين بولاند، وكتابة آلان مور. 2011م: بداية أعداد ال 52 الجديدة، وحقبة دي سي يونيفرسال، وإعادة تحقيق قصص الأبطال الخارقين البارزين كسوبرمان، وندر ومان، وغرين لانترن، وبالطبع باتمان، كل ذلك تحت إعداد وكتابة فنانين على رأسهم جيم لي، وسكوت سنايدر، وإيفان براندون. ديك غرايسون