خصص خطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد خطبة صلاة العيد أمس في المسجد الحرام في مكةالمكرمة للحديث عن الحب بكل أشكاله وأنواعه، معيداً كل الفضائل البشرية إلى الحب، وناسباً الكثير من النقائص إلى قلة شيوع هذا الفضل بين الناس، مؤكداً أن القتال من أجل الوطن هو قتال في سبيل الله. وقال: «شرعت الأعياد في ديننا لتقوية أواصر المحبة وتزكية مشاعر المودة وتوثيق أواصر العلاقات، ولهذا كان من شعائره التجمل باللباس والتوسعة على الأهل والأولاد بالهدايا والأعطيات واللهو المباح، وتبادل التهاني بين الأقارب والأصدقاء وما يتخلل ذلك من مظاهر الألفة والبهجة والسرور، ولا يعيش المرء بهجة العيد وفرحته إلا بالحب، وبالحب يكون التواصل وتنسجم اللحمة ويصدق التكافل ويتحقق التعاون، والحب هو الذي يحفظ العلاقات الإنسانية ويوثق الروابط الإخوانية، هذا عيدكم أهل الإسلام إذا تحقق فيه الحب زال من النفوس الاكتئاب والانقباض، ذلكم أن الإنسان روح تسمو وعقل يدرك ويحب، وجسم يتحرك، فغذاء الروح الإيمان وغذاء العقل العلم وغذاء القلب الحب والجسم غذاؤه الطعام والشراب، الحب عواطف ومشاعر وسلوك وإعلان، الحب شعور فطري إنساني نبيل يبرزه ويظهره سلامة الصدر من الغل والغش والحسد، الحب هو روح الحياة والحياة هي روح الوجود، والوجود بلا حب هو وجود بلا حياة، والحب ليس له تفسير أحسن من لفظه، والحديث عن الحب جميل وطويل وممتد ومتسع، وهمومنا وغمومنا ومآسينا على كثرتها وثقلها لا ينبغي أن تكون مانعاً عن الحديث عن الحب وإعلان الحب وإظهار المحبة، وإذ لم يكن الحديث عن الحب في يوم العيد فمتى يكون الحديث، وهل الحب الصادق إلا عيد يتكرر كل لحظة. وأضاف: «لا يوجد دين يحث أتباعه على المحبة والتحابب والتواد مثل دين الإسلام، لقد جاءت كلمة الحب والمحبة في كتاب الله أكثر من 80 مرة، بل إن من حكم ديننا ولطائف تعاليمه أن أمرنا بإعلان الحب وعدم كتمانه، ومشاعر الحب الصادق في الإنسان لها شأن عجيب، فهي ممتدة إلى كل ما يقع تحت مشاعره ونظره واتصاله وعلاقاته، من حبه لربه وحبه لنبيه وحبه لدينه ومعتقده وحبه لنفسه وحبه لوالديه وزوجته وأهله وإخوانه وأصدقائه وحب الناس أجمعين وحب وطنه وممتلكاته، وحب ما حوله مما خلقه الله في هذه الحياة الدنيا وبثه فيها من طبيعة وموجودات جامدة ومتحركة بجمالها وألوانها وروائحها ومناظرها وزينتها، وأعلى حب وأعظمه حب الله جل جلاله الذي منح نعمة الوجود والإمداد والهدى والرشاد والإسعاد، ثم حب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وسيلة الخلق إلى ربهم، أجرى الله على يديه هداية البشرية، وحب الرسول صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا وأسوتنا وحبيبنا وشفيعنا وكل مصاب بعده جلل».