بعد عقود من العمل في المصانع بديلاً للبشر في أداء مهمات محددة، هجر الروبوت هيئته كآلة ضخمة، ليصبح جسماً متحركاً وقابلاً للتعامل مع معطيات بيئة الحياة اليومية للبشر. واشتهر الروبوت «آيبو» بأنه شبيه بالكلب، على رغم قدرته على قراءة البريد الالكتروني والتعامل مع المكالمات الهاتفية وغيرها. وذاعت شهرة الروبوت «آسيمو» في محاكاة القدرات الحركية لجسد الانسان، مثل السير بثبات ومرونة على قدمين، وصعود السلالم وهبوطها وأداء التحية باليد وغيرها. ثم لعب الروبوت الشبيه بالإنسان كرة القدم، بل نُظّمت له مسابقات دورية حملت اسم «روبوكاب» RoboCup. وانتقل الى الترفيه (الرقص مثلاً) وأداء الخدمات الاجتماعية عبر الروبوت «كيرو» وأشباهه. ومع «هيرو»، أضحى الروبوت عاملاً في المحلات والمطاعم والمؤسسات العامة. وظهرت أنواع من الروبوت تؤدي أعمال السكرتيرة والممرضة وعاملة الاستقبال، إضافة الى أدائها أدواراً عسكرية في تفكيك الألغام والقصف الجوي وأعمال المراقبة والرصد وسواها. على أمواج الماء أخيراً، ظهر أوّل روبوت صغير مستوحى من الطبيعة، إذ يستطيع السير على الماء محاكياً بعض قدرات حشرة «متزلّج البركة» water strider، إضافة الى قدرته على القفز صعوداً وهبوطاً باستمرار، كأنه حشرة «متزلّج البركة» فعليّاً. وفي تقرير مفصّل ظهر في مجلّة «أ سي س أبلايد ماتيريلز أند إنترفاس» ACS Applied Materials & Interfaces، ذكر علماء أنهم استطاعوا صنع روبوت صغير وخفيف الحركة، ربما استطاع أن يستخدم قدرته على القفز من أجل تفادي العقبات خلال إدائه مهمّات استكشافيّة أو مهمّات مُشابهة. في هذا التقرير، شرح كينمين بان وزملاؤه أنّهم قادوا فريقاً علمياً لديه عدد من الأفكار المتقدّمة في صنع روبوتات صغيرة جدّاً بإمكانها السير على الماء. وبيّنوا أن هذا النوع من الروبوت يقدر على تفحّص البحيرات ومسطّحات مائيّة أخرى، لمراقبة جودة الماء أو تأدية دور جاسوس صغير جدّاً. ولاحظوا ان ما كان متوافراً من هذا الروبوت، لم يكن يستطيع سوى السير على الماء، على رغم تصاميمه المتطوّرة التي أنتج بان إحدها في العام 2011. وأشار التقرير إلى أن أمر هذا النوع من الروبوت تطوّر في العام 2012، مع صنع روبوت يستطيع محاكاة حشرات «متزلّج البركة» في القفز عن سطح الماء والعودة إليه مراراً وتكراراً. وأوضح التقرير إنّ ابتكار هذا الروبوت تخللته صعوبات جمّة، لأنّ القوّة السفليّة التي من شأنها دفعه في الهواء، تسبّب دفع الرجلين داخل الماء. ولتجاوز هذه الصعوبة، بحث فريق بان عن تقنيات ومواد جديدة تصلح لصنع روبوت يتّسم بالمميزات الحركية الكاملة لحشرة «متزلّج البركة». واستخدموا رغوة النيكل الإسفنجيّة المقاومة للمياه لصنع الأرجل الثلاث التي تحمل جسم الروبوت، والرجلين اللتين تسمحان له بالقفز. وبذا، صنع الفريق روبوتاً يقدر على القفز مسافة تتعدّى 5.5 بوصات، على رغم أنّ وزنه أكثر قليلاً من حشرة «متزلّج البركة». وخلال التجارب، تمكّن الروبوت من الوثب الى الأمام لمسافة 14 بوصة تقريباً، وهذا أكثر من ضعف المسافة التي تستطيعها الحشرة. وخرج من الماء بسرعة 3.6 أميال في الساعة. ونوّه أعضاء الفريق بقدرات الروبوت على القفز، وهي المستوحاة من الطبيعة، مشيرين إلى أنه خفيف الحركة ويستطيع تفادي العقبات التي يواجهها على سطح الماء، بأكثر مما تقدر عليه حشرة «قافز البركة» الطبيعية. وفي تقريره المذكور آنفاً، لم يفت الفريق إزجاء الشكر للجهات المُموّلة لهذا الإبتكار، وهي: «مختبر الدولة (الأميركية) الرئيسي لعلوم الروبوت والنظام» State key Laboratory of Robotics & System في «معهد هاربين للتكنولوجيا» و«المؤسّسة الوطنيّة للعلوم الطبيعيّة» في الصين. القسم العلمي - بالتعاون مع مركز الترجمة في دار «الحياة»