استمر لبنان غارقاً في دوامة الفوضى وتداعيات ما نجم عن قضية خطف حسان المقداد مطلع الأسبوع واللبنانيين ال 11 المحتجزين في سورية، منذ أيار (مايو) الماضي، فيما سعت الحكومة اللبنانية الى استدراك غيابها عن تداعيات ما حصل، منذ يوم الأربعاء الماضي من خطف للسوريين ولمواطنين تركيين اثنين، وقطع طرقات لا سيما طريق المطار بتفعيل لجنة وزارية أوكل اليها متابعة قضية المخطوفين اللبنانيين، بينما أعلن الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله أن ما حصل خلال اليومين الماضيين «خرج عن السيطرة وليتحمل الجميع مسؤولياتهم... وافهموها كما تريدون وتصرفوا على هذا الأساس». وفيما خطف تركي ثان ليل أول من أمس في منطقة الشويفات، وحصلت حوادث خطف أخرى بهدف الابتزاز، اجتمع مجلس الأمن المركزي برئاسة وزير الداخلية مروان شربل وأقر تدابير لمنع إقفال طريق المطار. وأكد شربل أنه ممنوع إقفالها من الآن فصاعداً، في وقت وزع آل المقداد على محطات التلفزة قرصاً مدمجاً فيه صور لسوريين محتجزين لدى العائلة قالوا انهم من «الجيش السوري الحر» لمبادلتهم بحسان المقداد التي كانت مجموعة زعمت انها من «الجيش الحر» احتجزته في دمشق. وقال الناطق باسم العائلة أنها فوضت الصليب الأحمر الدولي التفاوض مع الخاطفين لاسترداد المقداد من سورية، وأكد أن عدد السوريين المحتجزين لديها أكثر من 20 بعد الإفراج عن 21 لا علاقة لهم ب»الجيش الحر»، ملوحاً بعد تأكيده وقف العمليات الميدانية، ب «مفاجآت تباعاً» في حال لم تثمر المفاوضات عبر الصليب الأحمر. وقال مصدر في مجلس الأمن المركزي ل «الحياة» أنه تقرر عدم الإعلان عن التدابير الأمنية لإبقاء طريق المطار مفتوحة وإن المواطنين سيلمسونها على الأرض تباعاً لضمان منع إقفالها. وفيما ذكرت محطة «الجديد» أن وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس الذي غادر بيروت الى أنقرة صباح أمس بعد لقائه كبار المسؤولين سيلتقي على الحدود التركية – السورية ممثلين عن الجهة الخاطفة للبنانيين ال11، للتباحث معهم في الإفراج عنهم، لكن مصدراً ديبلوماسياً فرنسياً علّق ل «الحياة» على هذه الأنباء بالقول ان ما وعد به الوزير فابيوس حين طالبه كل من رؤساء الجمهورية ميشال سليمان والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عدنان منصور هو أنه سيثير القضية مع الرئيس التركي عبدالله غل ووزير الخارجية أحمد داوود أوغلو ليطالبهما ببذل جهد للإفراج عن المخطوفين اللبنانيين. وسيزور وزير الداخلية مروان شربل تركيا اليوم لمتابعة قضية المخطوفين ال11، وهي الزيارة الثانية التي يقوم بها الى تركيا لهذا الغرض خلال شهرين. كما اجريت اتصالات مع الجانب القطري للمساهمة في الإفراج عن هؤلاء. وفيما حذرت تركيا رعاياها من السفر الى لبنان ونبهت السفارة الأميركية رعاياها من احتمال تعرضهم للخطف، توالت ردود الفعل الداخلية حول حال الفلتان والفوضى التي شهدتها الساحة. فقال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ان الأزمة بحجم خطر اضمحلال الدولة مطالباً بحالة طوارئ لمنع الظهور المسلح ولو بالقوة... كما دعا الى فتح مطار القليعات. ورأى زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أن لبنان يواجه خطر انحلال الدولة وسيادة منطق الفوضى والعشائرية. وفي وقت أشاد الحريري بنتائج قمة مكة الإسلامية انتقد السيد حسن نصرالله الامين العام ل»حزب الله»، في خطاب لمناسبة «يوم القدس العالمي» قرارات القمة بالنسبة الى قضية فلسطين وأخذ عليها عدم دعوة سورية اليها. وقال انه «لو كان هناك ذرة من المسؤولية التاريخية لكان وجب أن تشكل فريقاً يزور دمشق ليقولوا كفى نزفاً للدماء». وتناول نصرالله موضوع المخطوفين اللبنانيين ال11 وخطف المقداد،. وقال: «كان طبعاً سخافة القول إنه قناص في حزب الله، فقد حصلت ردود أفعال في اليومين الماضيين بعد القول بمقتل ال11 ثم خطف المقداد». واضاف انه «حتى الآن لم نعرف من هي الجهة الخاطفة، لذلك واكبنا وصمتنا، وقلنا إن الدولة هي من يجب أن تتابع، ومرت أشهر»، وأضاف: «الأداء الإعلامي كان مفجعاً وكارثياً وتصرف بروحية السبق الصحافي غافلاً عن أن 11 عائلة لديهم أهل وعاطفة... في ظل هذا الأداء الإعلامي خرجت الأمور عن السيطرة، وعندما قُطعت طريق المطار خرجنا مع «أمل» لنمنع إقفاله، ولكن تحولت قضية المخطوفين إلى مأساة إنسانية ومهزلة إعلامية. وبكل صراحة ما حصل خلال اليومين الماضيين هو خارج السيطرة، وافهموها واقرأوها «متل ما بدكن». ويجب ان تتصرفوا على هذا الأساس. وفي هذا الأداء السياسي والأداء اللاإنساني هناك ساحة بدأت تخرج عن السيطرة وعلى الكل تحمل مسؤولياته». والفكرة التي تقول ان الوضع تحت السيطرة و «أمل و «حزب الله» يقدران على إخراج الناس من الشارع، أعيدوا النظر فيها». ورأى ان «قضية المخطوفين تحولت الى حفلة ابتزاز سياسي كبير، وإذا كنا غير قادرين على التصرف في نهاية المطاف نحن يجب أن نتروى مع بعضنا بعضاً ونتصرف سياسياً وإعلامياً وداخلياً في شكل حضاري حتى نرى أين ستصل هذه القضية». وفي ظل استمرار التضارب في المعلومات عن مصير المخطوفين ال 11 قال ناطق باسم الأهالي لإحدى محطات التلفزة أمس ان معلوماتهم الخاصة تفيد بأنهم جميعاً بخير.