في محاولة لتخفيف قلق فصائل داخل «طالبان» الأفغانية من اتصالات تمهيدية أجراها ممثلون للحركة مع الولاياتالمتحدة مطلع السنة، وعلِقت لاحقاً، أكد زعيم الحركة الملا محمد عمر في رسالة نشرت على شبكة الإنترنت في مناسبة عيد الفطر، أن الاتصالات «لم تعنِ الإذعان أو التخلي عن أهدافنا». أتى ذلك بعد أيام على إعلان السفير الأميركي في كابول جيمس كانينغهام توافر مؤشرات إلى بحث «طالبان» في إمكان إجراء محادثات سلام مع الحكومة الأفغانية، وغداة دعوة الملا آغا جان معتصم، إحدى الشخصيات النافذة في الحركة، إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ عشر سنين في أفغانستان وإجراء محادثات سلام، ومطالبته بالإفراج عن أسرى الحركة وإنهاء العقوبات المفروضة على قادتها، من أجل تسريع عملية السلام. وأوضح الملا عمر، في رسالته، أن المحادثات التمهيدية مع الولاياتالمتحدة «هدفت إلى بدء عملية لتبادل أسرى، وفتح مكتب سياسي يُمهد لتحقيق أهدافنا»، فيما سعى إلى إظهار «طالبان» بوجه أكثر اعتدالاً مع الأفغان الذين وعدهم ب «الوئام والوحدة». وشدد على أن الحركة «ستبذل جهوداً للتفاهم مع الفصائل الأفغانية بعد انسحاب الغزاة». لكن زعيم «طالبان» كرر وصف حكومة الرئيس حميد كارزاي المدعومة من الغرب بأنها «فاسدة ومريضة ومنهارة»، علماً أن الحركة رفضت دائماً التفاوض مباشرة مع حكومة تعتبرها «دمية لواشنطن». وناقض ذلك قول السفير كانينغهام أخيراً أن «اتصالات تجرى، خصوصاً في المرحلة الحالية، بين الأفغان وطالبان، ما يوحي بأن الحركة تعاود النظر في خياراتها، بتأثير الرسالة الواضحة التي وجهتها الولاياتالمتحدة والغرب بعدم تخليهما عن أفغانستان بعد انسحاب القوات القتالية للحلف الأطلسي (ناتو) بحلول نهاية 2014». وكان الملا معتصم الذي رأس حتى العام 2009 اللجنة السياسية في «طالبان»، ولا يزال مؤثراً في بعض أوساطها، أكد في بيان أصدره الخميس «ضرورة وقف كل الأطراف العنف، وحل الخلافات بالحوار والمفاوضات». ورحب ب «الخطوات الأولى المهمة» التي نفذها كل الأطراف، مثل رفع العقوبات الدولية عن الأعضاء السابقين في نظام «طالبان»، ما جعل الحركة «مستعدة للحوار». لكنه دعا الأممالمتحدة وأميركا إلى رفع أسماء باقي عناصر الحركة من اللائحة السوداء، والإفراج فوراً عن قادتها المعتقلين في غوانتانامو، وقال: «نعتقد بأن تنفيذ المجتمع الدولي هذه الخطوات سيساعد في إرساء السلام والاستقرار، ويجعلها أداة لإقناع قادة الإمارة الإسلامية». وكانت المنظمة الدولية شطبت اسم الملا معتصم من لائحة العقوبات، بعدما اتهمته سابقاً بجمع أموال ل «طالبان» والتقرب من الملا عمر. وأعلن ناطق باسم الحركة أخيراً أن معتصم لم يعد يضطلع بأي دور قيادي في الحركة، وأن تصريحاته لا تعكس موقفها. لكن معتصم أكد أنه ما زال ينتمي إلى «طالبان»، ولا يمكن طرده منها إلا بمرسوم من الملا عمر.