بدا لبنان كأنه دخل في نفق المجهول أمس. مسلّحون بعتادٍ عسكريٍّ كامل يظهرون أمام كاميرات التلفزة يُهددون ويتوعدون. رهائن سوريون في قبضة عشيرة آل المقداد يستغيثون. وهناك رهينتان، سعودية، وتركية أيضاً. طريق المطار قُطع أمام الوافدين والمسافرين ليلاً. فأُشعلت الإطارات المطاطية واشتبك المتظاهرون الملثّمون مع جنود الجيش اللبناني. ترافق ذلك مع بيانات تهديد أطلقت يمنة ويسرة. أجمعت على أن البوصلة حُددت، «تُركيا والسعودية وقطر أهدافنا». ليس هذا فحسب، فقد صرّح أحد أشقاء الخاطفين من آل المقداد موجّها كلامه إلى السعوديين «أنصحكم كما نصحتكم سفارتكم، غادروا لكن ممنوع عليكم المغادرة عبر المطار». في موازاة ذلك، تمكنت «الشرق» من إجراء مقابلة مع أحد الخاطفين الذي قال: «دم حسّان المقداد لن يذهب هدراً»، وأضاف، «منذ الأمس اعتبرنا حسّان شهيداً ولهذا تحرّكنا». وحسان المذكور كان قد ظهر قبل يومين كرهينة لدى عناصر من الجيش السوري الحر زعموا أنه عنصر من حزب الله. وخلال التسجيل المصور بدا حسّان بأنه تعرّض لضربٍ مبرح. لم تنته المسألة عند هذا الحد. فقد هوجمت متاجر السوريين الموجودة في لبنان. جرى تحطيمها واقتيد العاملون فيها إلى جهة مجهولة. أكّد الفاعلون، الذين عرّفوا عن أنفسهم بأنهم ينتمون إلى عشيرة المقداد، أنهم لن يتوقفوا قبل أن يصل العدد إلى ألفين. في موازاة ذلك، عرضت وسائل الإعلام اللبنانية مقابلة مع المخطوف التركي الذي أكّد أنه «لا علم له بالسياسة وأنه يعمل في مجال الإلكترونيات»، لافتا إلى أنه جاء ل «عقد اجتماع مع شركة لبنانية ولا اعتبر نفسي رهينة لأن آل المقداد يهتمون بي». والفوضى لم تقتصر على شوارع لبنان، فقد احتجز السجناء اللبنانيون في سجن رومية عدداً من المساجين السوريين مطالبين بإطلاق سراح اللبنانيين المخطوفين في سوريا. من جهة أخرى، طلبت كل من السعودية وقطر من رعاياهما الموجودين في لبنان المغادرة فوراً. هذا وأعلن وزير الخارجية الإماراتي أنه على الحكومة اللبنانية حماية الخليجيين. وكانت عائلة المقداد قد أعلنت صباح أمس «خطف عناصر من الجيش السوري الحر أحدهم برتبة نقيب ردا على اختطاف حسان المقداد في سوريا»، وأعلنت عن «خطف عدد من عناصر «الجيش السوري الحر» بأكثر من منطقة لبنانية»، مشيرة إلى أنه «تم إطلاق عدد من السوريين الذين لا دخل لهم بالجيش السوري الحر وأكدت العائلة أن «الاختطاف سيستمر لأعضاء الجيش السوري الحر على كامل الأراضي اللبنانية طالما أنّ ابنهم في سوريا»، ولفتت العائلة إلى أنه «طالما أن الدولة اللبنانية لم تسأل عن ابنهم سيتصرفون». وتوجه والد حسان المقداد للجيش السوري الحر بالقول: «كما تعاملونا نعامل»، وأكد أنه «تم اختطافهم من خارج الضاحية الجنوبية من المنطقة المحميين فيها»، موضحا أن «التواصل سيكون عبر الإعلام لا غير». وأضاف «نحن لسنا الوزير السابق ميشال سماحة أو الضباط الأربعة، نحن عائلة عريقة مدعومة من العشائر، ووعد بمفاجآت كبيرة في الأيام القادمة».