لنجعل العيد فرصة للفرحة الحقيقية بعيداً من التضييق غير المبرر! فالفرحة ليست فقط بالألعاب واللُّعب، أو الملاهي والهِبات والملابس والطعام وغيره! بل بالتآلف والتواصل والزيارات القلبية الصادقة، بأن تدرك وأن يحس غيرك أنك لا تتعالى عليه بلونك أو أصلك وفصلك! «فكلنا لآدم وآدم من تراب»، «ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى»، القِ عليه التحية الصادرة من قلبك بلا تكلف، فالتحية المتكَلَّفة هي المؤذية! اطرق باب جارك في الوقت المناسب وانتظر منه أن يستقبلك بالحبور! كن متفائلاً، واستعد لاستقبال زوارك بالحفاوة نفسها. اعمل جهدك لانتقاء الألفاظ المناسبة في البيت حتى لا يلتقط أطفالك العبارات الخطأ التي قد تستنقص الآخرين وبأي صورة من الصور! فالطفل سيرددها أمام الأغراب من دون أن يعي! وسينادي الآخرين بعبارة «هيه» بدلاً من يا «أخ/ سيد»، أو يناديه بغير اسمه «محمد/ رفيق/ صديق»، أو «يا شيبه، لمن ابيضت لحاهم» وغير ذلك. لنجعل رسالتنا التبشير وليس التنفير، لأن التنفير ذنب، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا»، متفق عليه. فمخالفة أمره «صلى الله عليه وسلم» ذنْبٌ، وما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما، فعلى المسلم تجنب التشدد، لأن التشدد يُفضي إلى التنفير، وبالتشدد نتسبب في نفور ضعيفي الإيمان من تعاليم ديننا الحنيف، وما قصة هؤلاء واللواتي خرجن عن الجادة وجاهروا بمخالفة الدين، وهربوا خارج الديار أو ارتدوا عن الإسلام، إلا نتيجة مباشرة للتشدد المؤدي للتنفير. وحتى لو تم القبض على هؤلاء وإعادتهم للديار، وإنزال العقوبات فيهم، فلن نستطيع إقتلاع ما في نفوسهم وما أصابها من تلف، إلا بالعودة إلى نبع الإسلام الصافي (إدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلَقَّاها إلا الذين صبروا وما يُلَقَّاها إلا ذو حظ عظيم) الآية. هناك كثيرون أمثال هؤلاء! ولكنهم لم يهربوا من البلاد، ولم يجاهروا بما أصاب نفوسهم من انحراف وتلف، فقد ينحرفون عن جادة الصواب بسلوكيات أخرى، كالإدمان، ومعاقرة الخمور، وتعاطي الحبوب المخدرة، أو إيقاع الضرر على الرئتين بالمعسلات المسببة للسرطان، أو الجراك الذي يتلف الرئتين بالتليف والربو، أو الدخان المسبب الرئيس للسرطان، أو يصابون بالكآبة التي تجعلهم يعيشون بلا هدف ويصبحون عالة على المجتمع والدولة. وللخروج من هذه الأنفاق المظلمة، لابد من العودة إلى الأصل، فالأصل هو الرسالة المحمدية المتمثلة في أول آية نزلت على خاتم الأنبياء (اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * إقرأ وربك الأكرم * الذي علَّم بالقلم * علَّم الإنسان ما لم يعلم) الآية. هناك من لا يريد السينما أو المسرح العام في بلادنا، اللذين هما محافل جماهيرية للثقافة بطريقة تفاعلية، بدلاً من أن يشاهد الإنسان تلك الأعمال الإبداعية داخل بيته عبر «النت» أو «القرص»، والآن «الآيباد» و«الآيفون» وغيرهما، وحيداً منزوياً من دون مراقبة ولا مقص رقيب «وهنا تكمن المشكلة»! بينما في المشاهدة الجماهيرية بصالات المسرح والسينما لن يعرض شيء من دون مراقبة أو إشراف! سبحان الله، رضينا بالضار وتركنا النافع؟ وللنجاة من مغبة ذلك، لابد من افتتاح المكتبات العامة إستجابة لأمره تعالى بآية (اقرأ)، وأن تكون في مواقع إستراتيجية وبالعدد الكافي في المدن والقرى والهجر، وبحيث يضم المسجد مكتبة مستقلة بكامل الخدمات التي تضاهي المكتبات في الدول المتطورة، وبأوقات دوام مناسبة لأوقات ارتياد المكتبات، وبإشراف متخصصي المكتبات، وبذلك يستنير الناس بالقراءة والإطلاع والثقافة، وبالاستنارة يزداد الإيمان «فالإيمان يزيد وينقص»، ويتلاشى التشدد (أفمن يمشي مُكِبَّاً على وجهه أهدى أمَّن يمشي سوياً على صراط مستقيم) الآية. الناس بحاجة ماسة إلى من ينتشلهم من الضياع، والقراءة هي طوق النجاة (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) الآية... وكل عام وأنتم بخير. [email protected]