جاء اختيار مكان وزمان مؤتمر التضامن الإسلامي لقناعات واعتبارات لها قداسة عند الشعوب، لا يوجد ضمانة حقيقية تؤكد أن الزعماء شعوب، أو أن وجودهم في مكةالمكرمة سوف يمنحهم عبقرية، ولا حتى إحسان نية، فالنيات لا تكفي لصناعة بلد، أو حماية أقليات إسلامية من أحافر أقدام عقائد أخرى تتقرب إلى آلهتها من خلال تنظيف تراب ديارهم حتى من قبور المسلمين. يوجد في بعض البلدان أعراق متعددة ذات أقلية، وحدهم المسلمون يصبحون هدفاً للرصاص، والعنصرية، وكذلك أجهزة الأمن، هذا في جزء منه جناية منظمات مسلحة كثيرة اكتشفت أن تجارة المخدرات ذات ربحية أكثر من تصدير «المرتزقة» إلى مناطق نزاعات مسلحة، بينما «فوبيا الإسلام» سلعة لها تاريخ صلاحية متجدد، لكن أكثر العناصر المؤججة للعنصرية ضد الأقليات الإسلامية هو وجودها في بلدان غير عادلة، وغير متحكمة في المعادلات الأمنية على أراضيها، إذن ما يحدث هناك ليس بسبب ضعف الأقلية بل بسبب ضعف عدالة وقدرات الدولة الحاكمة، لكن لا يوجد لهذه الدول كرسي في القمة. يقول جدي «كل هذا علشان بشار؟» في تعليقه على القمة، ثم قال «أيامنا كانت رصاصة واحدة تكفي»، وعندما قلت له «وإيران»، قال «هذه سالفة ما أدري عنها»، وهو اختصار لوجود ضبابية في معرفة أسباب لهاث إيران على رمي ذاتها في أتون نار لن تتحمل لهيبها، فالتاريخ العربي الفارسي كان دوماً أكثر قسوة على الفرس، حتى في المسألتين السورية واللبنانية لا يستطيع الفرس التمدد إلا من خلال أذرع عربية، إذن هنا المشكلة لا تكمن في طهران، بل في دمشق وبيروت، فأذرع الخيانة دوماً قصيرة وتستحق البتر. كان تراص أعلام الدول الإسلامية المشاركة في القمة لا يمثل واقعاً سياسياً واقتصادياً، لكن كان لافتاً تمسك معظم الرايات بوجود «نجمة» أو أكثر، كامتداد لنجمة الباب العالي أيام الخلافة الإسلامية، تحالفوا ضد الإمبراطورية الإسلامية وتمسكوا بنجمتها، تماماً كما فعلوا مع الانتداب الأجنبي بعد ذلك، طردوه وتمسكوا بحبره الراسم لخرائط بلدان تحتاج إلى تقسيم التراب حتى يتجمع الإنسان فيها ويصبح له هوية وقدرة على محاربة الفقر والفساد. يأمل مسلمو المشرق والمغرب أن يعود زعماء بلدانهم برؤى، واتفاقات تنقذ العالم الإسلامي من مأزق السفر من دون وجود جاذبية، لأن إنعدام الجاذبية يعني لا مساراً واضحاً، ولا هدفاً، ولا حتى سبباً للوجود. [email protected] @jeddah9000