الاثنين 30/1/2012:تمارين تمارين في السرعة: - الحقول المسرعة، كما تبدو من نافذة القطار. - النورس يلاعب زبد الموج وينجو بجناحيه. - في الدقائق الأخيرة، ركض حتى اللهاث تلبية لموعد حب. تمارين في البطء: - خطاب الزعيم المحبوب في التلفزيون، أتذرع بانقطاع التيار الكهربائي. - قراءة الواقعة التاريخية نفسها في كتاب قديم وللمرة الألف. تحت الطاولة كتاب شعر مهرب. القراءة في مستويين. - مهرجان ذكرى الاستقلال. لا تكفي الذاكرة. تتكسر. لم يكن هناك استقلال. الثلثاء 31/1/2012: سيد قطب بدأ سيد قطب حياته ناقداً أدبياً وكاتب سيرة ورواية متأثراً بعباس محمود العقاد، ثم اندرج في حركة الاخوان المسلمين ذاهباً الى أقصى التطرف أباً للتكفيريين في كتابه «معالم على الطريق»، ونفذ فيه حكم الإعدام عام 1966 بتهمة محاولة قلب نظام الحكم الناصري. كتابات قطب الأدبية رفضها أنصاره المتطرفون «القطبيون» كأنها عمل «جاهلي» سبق «اسلامه»، وقلّل من شأنها أدباء اعتبروا جنوحه الى الفكر السياسي الإسلامي نتيجة فشله في مجال النقد الأدبي. لذلك انطوت كتاباته الأدبية، ومنها روايته «أشواك» الصادرة عام 1947 عن «دار سعد للنشر». أعاد شعبان يوسف إصدار الرواية مع مقدمة خاصة، ونشرتها الهيئة المصرية العامة للكتاب في القاهرة. صراع الحب والأخلاق موضوع رواية سيد قطب الذي يرصد تفاصيل علاقة رجل بفتاة بهدف الزواج، وقبل الخطوبة تصارحه بعلاقة حب سابقة مع ضابط في الشرطة، من باب ان المصارحة علامة حب واخلاص لا بد منها. هنا يرصد سيد قطب أثر المصارحة في نفس الرجل الذي يتقلب بين المسامحة والغيرة، وتستمر العلاقة مترجحة بين قبول منه ورفض أو تشكيك حتى تتحول الى جحيم. كأن سيد قطب يعظنا في روايته أن نزعة التملك عند الرجل هي ما يحبط الحب بل يمنع ولادته، وكأنه ينحاز الى المرأة التي تعتبر المصارحة تعبيراً عن الكرامة في حين يراها الرجل نقطة ضعف وموضع شك يطفح فجأة ليعطّل العلاقة الإنسانية. «أشواك» سيد قطب شهادة على تعقيد العلاقة بين الرجل والمرأة، ما يخالف تبسيط الإسلاميين الذين يدرجونها في باب الواجب الشرعي لا أكثر ولا أقل. الأربعاء 1/2/2012: إيقاع الخليج تتغلب إيقاعات شواطئ الخليج على المناطق الداخلية، في الموسيقى والغناء والعروض الحركية، فعدا فنون نجد وجبال الحدود اليمنية - السعودية المتميزة بالبطء والحركة الذكورية المرتبطة بالحرب وبنزعة الغلبة، تبدو الفنون الخليجية السائدة بحرية بامتياز. ولأن البحر اتصال بالآخر البعيد أو القريب، فإن الإيقاع الخليجي اكتسب تنويعات أهلته لتجاوز البيئة الضيقة ومفرداتها المحدودة نحو مجالات بعيدة، وهذا سبب حضور الأغنية الخليجية (البحرية) الطاغي في العالم العربي، حتى أنها تنافس بجدارة الأغنيتين المصرية واللبنانية. الخميس 2/2/2012: في انتظار المصالحة يتمسك النظام الإيراني بالعداء لإسرائيل ويمارسه عبر دور في الصراع العربي - الإسرائيلي يتعاظم كلما وجد فراغاً في الجانب العربي من الصراع. وتطرح طهران شعاراً إسلامياً محل الشعار العربي فتجذب بذلك أحزاباً وحركات إسلامية، وصل بعضها الى الحكم بعد «الربيع العربي». كأنّ العروبة لم تكفها ضربات إسرائيل وبعض الغرب حتى تتلقى ضربات الإسلاميين، المقربين من إيران والبعيدين عنها، حتى ندر ذكر العروبة في أدبيات السياسة والصحافة في أيامنا. لكن مصالحة إيران تبقى هدفاً لأوروبا وأميركا مهما علت الأصوات العدائية واتخذت قرارات الحصار. ثمة أسباب استراتيجية، ولكن، ثمة أيضاً أسباب ايديولوجية تعود الى النصف الأول من القرن العشرين حين شاعت قسمة الشعوب الى آريين وساميين، نتيجة الفكر النازي ولواحقه القومية، ويستمر هذا الفكر بصورة غير مباشرة من خلال النزعات العنصرية المغلفة أحياناً بشعار الديموقراطية. وإذا كان برنارد لويس يسخّر أفكاره لخدمة إسرائيل فان هذه الأفكار تحمل إشارات لا بد أن نتنبه لها، خصوصاً تلك التي تلمح نافذة مصالحة إيرانية - غربية يعمل عليها كثيرون، وربما كانت الهدف الرئيسي للحملة على النظام السياسي في طهران، الضغط لعودة الأمور الى «طبيعتها» بحسب برنارد لويس وتابعيه. يقول: «انجذب الاتجاهان التركي والألباني بشكل طبيعي الى القوة النازية التي بدت وعداً بتحطيم الاتحاد السوفياتي وبالتحرير - على الأقل من السيطرة الروسية - لشعوبهم المسلمة. ووجد بعضهم في النظريات العرقية النازية نموذجاً لإيديولوجيتهم الخاصة. أما الفرس فمسألة أخرى. كان الاسم القديم لبلادهم، التي هي إيران الآن، في الأصل، هو التسمية ذاتها «آريان» المشتقة من كلمة «آريا». واستخدم هذا الاسم كألقاب لملوك ايران القدماء قبل الإسلام، ونصادفه أحياناً في الكتابات التاريخية والجغرافية العربية المبكرة التي دونت بعد الغزو (الفتح) العربي في القرن السابع. ويحظى هذا الاسم بشعبية جديدة مع بدء حركة الإحياء الثقافي لأساطير بلاد فارس القديمة التي بدأت منذ القرن العاشر، لكنه لم يدخل في الاستعمال العام كإسم للبلاد حتى أواخر القرن التاسع عشر. إن اسم فارس (بيرسيا) مشتق من اسم الإقليم الجنوبي الغربي فيها، الذي كان يسمى «بارس» في العهود القديمة، و «فارس» بعد الفتح العربي، لكون الأبجدية العربية ليس فيها حرف «P». كما غدت لغة الإقليم هي اللغة الوطنية، وصار اسمه (وتحت اشتقاقات متنوعة) اسماً للبلاد بأكملها، ولكن، في الاستخدام الأجنبي فقط. أما في اللغة العربية فأطلق على البارسيين، وليس على «Persia»، اسم الفرس. وان البارسيين الذين يتكلمون لغتهم الأصلية يسمون تلك اللغة فارسي (Farsi)، ويشيرون بشكل عام الى الأجزاء المختلفة من بلادهم بأسماء إقليمية. خلال القرن التاسع عشر، بدأ الفرس يكررون الإشارة الى المملكة الحديثة للشاه بالاسم القديم «إيران». واكتسبت التسمية القوة من نتائج المكتشفات الأثرية في بدايات القرن العشرين لتاريخ ايران القديم، ويرجع الفضل في هذه الاكتشافات الى الأركولوجيين والفيلولوجيين الأوروبيين. وفي الثلاثينات من القرن العشرين تم حقن هذه التسمية بعنصر جديد، عبر التدخل المتزايد لألمانيا في التنمية الاقتصادية الإيرانية، وتزايد التأثير الإيديولوجي النازي فيها، ففي آذار (مارس) 1923 تم تبديل اسم البلاد بشكل رسمي، وفي جميع اللغات، من بلاد فارس (بيرسيا) الى ايران، وفي العام التالي أكد وزير الاقتصاد الألماني هيغلمار شاخت، خلال زيارته لإيران، ان الإيرانيين كونهم آريين أنقياء العرق، لا تنطبق عليهم القوانين العرقية ضد السامية». الجمعة 3/2/2012: شعب بور سعيد «مجزرة» بور سعيد أبعد من حزازات أو أحقاد مشجعي فريقين لكرة القدم. ولا مجال لمقارنة معركة مشجعي «الأهلي» و «المصري» وبما يعرف متابعو اللعبة في العالم من عنف «الهوليغانز» الإنكليز الذين لا يخلو ملعب أوروبي من معاركهم. انه انهيار اجتماعي يترافق مع ارتباك ثورة 25 يناير المستمر، الذي تجلى أخيراً في وسط القاهرة بسقوط حوالى 800 جريح بين المعترضين على «مجزرة» بور سعيد، الذين دعوا الى استقالة المجلس العسكري والحكومة أيضاً. الوضع المصري مفتوح على الأزمات طالما ان نواطير مصر مجهولون، ان الغالبية في مجلس الشعب الجديد (وفي مجلس الشورى أيضاً) تمارس السياسة بتجريبية شكلية وبيقين في الجوهر لا تخطئه العين ولا السمع. وحتى الدولة التي تحتاج الى إصلاح والى التطهر من السلوك العسكري المتوطن منذ خمسينات القرن الماضي، هذه الدولة بآلياتها العاملة، بل حتى المهترئة، أكثر جدارة من أفكار الإخوان المسلمين والسلفيين المغتربة عن الواقع المصري. ولا يكفي التبرع للفقراء والمحتاجين للوصول الى الحكم وممارسته بجدارة، وإلاّ يمكن أن نتخيل الصليب الأحمر حاكماً لدول كثيرة، ومثله الهلال الأحمر، كما يمكن تصور إدارة «أوكسفام» في مقر رئاسة الوزراء البريطاني في 10 داوننغ ستريت. قلبنا على مصر التي تنتظر نواطيرها الحقيقيين، ولكن، بالعودة الى «مجزرة» بور سعيد فوجئنا بتصريحات لمواطنين في المدينة المصرية التي ارتبطت بنضالات حرب السويس وبنواب عن المدينة تستخدم التعبير «شعب بور سعيد»، المرشح لاستدراج «شعب القاهرة» و «شعب أسيوط» و «شعب الإسكندرية» الخ... وبذلك ينطوي «شعب مصر» الذي طالما اعتبرناه الأكثر حقيقية ورسوخاً في عالمنا العربي. مصر بلا نواطيرها حائرة بين مناضلي العالم الافتراضي وجمعيات خيرية أوصلتها التبرعات الى أدوار سياسية لا تعرف منها سوى الكلام، لذلك ينزعج نواب مصر الجدد إذا لم يبث التلفزيون خطبهم، وهذا دليل طغيان الخطابة والنجومية على آلية التشريع والرقابة التي هي مهمة البرلمان لا غيرها.