عُرف القاضي محمود مكي الذي عينه الرئيس المصري محمود مرسي نائباً له أول من أمس، بكونه أحد قادة «تيار استقلال القضاء» الذين فضحوا تزوير الانتخابات البرلمانية في العام 2005 وتصدوا بقوة لتدخلات نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك في أعمال القضاء. ومكي (58 سنة) هو الشقيق الأصغر لوزير العدل القاضي أحمد مكي، وكان من ضمن قضاة أحيلوا على التأديب في العام 2005 بعد نشرهم «القائمة السوداء» بأسماء القضاة المتورطين في تزوير الانتخابات البرلمانية، وكان يتولى حينها رئاسة لجنة متابعة الانتخابات في نادي القضاة، وبرأته المحكمة التأديبية. ونال مكي تضامن عدد كبير من القوى السياسية منها جماعة «الإخوان المسلمين» ونوابها الذين كان مرسي بينهم، أثناء محاكمته والقاضي هشام البسطويسي التي أحدثت جدلاً في الساحة السياسية آنذاك. وبعد تبرئته أُعير إلى دولة الإمارات ومنها إلى الكويت التي عاد منها نهاية الأسبوع الماضي. وتولى مكي منصب منسق حركة «قضاة الاستقلال»، وقاد تظاهرات استقلال القضاء في العام 2006. وكان بدأ حياته ضابطاً في الشرطة ثم التحق بالنيابة العامة وتدرج في مناصبه حتى وصل إلى منصب نائب رئيس محكمة النقض. وبعد قيادته حركة استقلال القضاء، بدأت المعارضة في التفكير في ترشيحه أو البسطويسي لخوض انتخابات الرئاسة في مواجهة مبارك بعد ان باتا رمزين مهمين لمقاومة قمع نظامه. لكن مكي الذي يزن كلماته ومواقفه بدقه، كان يرد باقتضاب على من يدعونه لخوض سباق الرئاسة قائلاً: «نحن قضاة ونريد أن نظل قضاة مستقلين». ولم يعرف عن هذا الرجل متوسط القامة الذي تعلو الابتسامة وجهه معظم الوقت، انتماؤه إلى تيار سياسي بعينه في أي وقت ولكنه يأتي من أسرة من الطبقة المتوسطة المصرية الميسورة والمحافظة بطبيعتها. وهو طلق اللسان وهادئ في الوقت نفسه واستطاع ان يكتسب احترام الطبقة السياسية المصرية، خصوصاً بسبب مواقفه الصارمة والعنيدة في مواجهة نظام مبارك. وعاد مكي إلى القاهرة قبل أيام من إطاحة مبارك للمشاركة في التظاهرات. ونقلت عنه وكالة «فرانس برس» قوله: «جئت لامتع نظري بميدان التحرير». ولم تتحدد بعد صلاحيات نائب الرئيس الجديد، لكن تكهنات ثارت حول تسليمه ملف العلاقة مع السلطة القضائية التي ترغب جماعة «الاخوان المسلمين» في إعادة هيكلتها.