دخل العداء الإثيوبي آبيبي بيكيلا التاريخَ عندما أحرز ميداليةً ذهبيةً خلال دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي استضافتها روما عام 1960. وساعدته سرعته ورشاقته على الفوز بالذهبية، ولكن الركض حافي القدمين هو ما جعل منه أسطورة. وعندما شعر بيكيلا أن الأحذية التي أُعطيت له غير مريحة، قرر التخلصَ منها والركض حافي القدمين. ففي النهاية، هذه هي الطريقة التي اعتاد على التدرب فيها في وطنه استعداداً للألعاب الأولمبية. بعد نصف قرن إذاً، من المستطاع القول ان بيكيلا حقق النجاح بفضل خوضه السباق من دون انتعال أحذية. وبعد أكثر من 50 سنة، ما زال بعض العدائين يركضون حفاة الأقدام، إذ حذا عدد من العدائين الأولمبيين حذو بيكيلا. وعلى الصعيد الوطني في إثيوبيا، انتشرت هذه الموضة بشكلٍ كبير خلال العقد الماضي. وظهرت جمعية تُعنى بالركض بأقدام حافية. في المقابل، ثمة علماء يتساءلون هل يمنع هذا الأمر وقوع إصابات أو يزيد منها. وفي هذا الصدد، قالت كاري روثشيلد، وهي مدربة في العلاج الجسدي لدى جامعة «سنترال فلوريدا» في أورلاندو في ولاية فلوريدا، ومتخصصة بالإصابات الرياضية في العظام: «ربما مهد بيكيلا الطريقَ أمام تحقيق اكتشاف جديد. ومع العلم أن البحث لا يجزم فعلياً أنه ثمة طريقة أفضل من اخرى، لكن من الواضح أن الأهم هو تطوير لياقة بدنية مناسبة للركض والالتزام بها وعدم تبديلها بشكلٍ مفاجئ». وأعادت روثشيلد، التي كانت عداءة على مدار 12 سنةً وتمكنت من الفوز في ماراثون بوسطن ثلاث مراتٍ، النظر في البحث لتكتشف أن نسبة وقوع الإصابات لا تربطها علاقة بانتعال الأحذية. ودفعها هذا الأمر إلى اجراء استطلاع بمساعدة مؤسسة «تراك شاك» الرياضية في أورلاندو، لتحديد أسباب هذه الاشكالية وتوصلت الى اكتشاف مذهل، إذ صرح معظم الأشخاص بأنهم لجأوا إلى الركض بأقدام حافية آملين في أن يتحسن أداؤهم وتنخفض نسبة إصاباتهم. وعلى عكس ما يتوقعه البعض، تبين إن كل الذين لم يختبروا قط هذا النوع من الركض، عمدوا إلى تفاديه خوفاً من أن يتسبب بإصابتهم والحد من سرعتهم. وفي المقابل، أظهر البحث وجود أخطار ناجمة عن الركض، بغض النظر عما يُنتَعَل أثناء الجري، إذ مال العداؤون الذين يركضون بأقدام حافية إلى الوطء على الجزء الأوسط أو الأمامي من أقدامهم وليس على الكعب. ومن المستطاع تلطيف هذه الصدمة عند انتعال أحذية رياضية جيدة. إلى ذلك، أشارت بعض الدراسات إلى أن الركض بأقدام حافية يسبب زيادة مستوى الضغط على الجزء الأمامي من القدم، ويزيد الألم في ربلة الساق. ولكن، يمكن أن يعاني العداؤون الذين ينتعلون أحذية رياضية من إصابات متنوعة، بداية من الركبة ووصولاً إلى الورك. وترتبط هذه الإصابات بضغط متكرر على الكعب. وعلقت روثشيلد، المقيمة في مدينة «وينتر بارك» على هذه النتائج قائلة: «ليس هناك طريقة مثالية للجري». وضمن مقال نُشر في منتصف صيف 2012 في مجلة «سبرينت أند كونديشينينغ ريسيرش»، استعرضت روثشيلد هذا البحثَ، وقدمت دليلاً لكل الراغبين في اكتشاف الركض بأقدام حافية كوسيلة للتدرب، من أجل المشاركة في الماراثون. وثبتت في هذا الدليل برنامجاً يمتد من 10 إلى 12 أسبوعاً، يساعد كل من يركض منتعلاً الأحذية على التخلص منها تدريجياً. واقترحت روثشيلد أيضاً إجراء فحصٍ طبي شامل، وتقويم بيوميكانيكي لدى معالج جسدي أو خبير متمرس، لتحديد النقص في القوة والمرونة ثم معالجته. ورأت أن من الضروري اتباع هذه الخطوات قبل الانتقال تدريجياً إلى الركض بأقدام حافية. وتابعت روثشيلد: «خلاصة الأمر أنه عندما يتخلص العداء من الأحذية عند الركض، لا يبدل جسمه طريقة العدو بصورة فورية، لكن ثمة طرق تساعد على تسهيل عملية الانتقال هذه وتخفيض احتمال وقوع الإصابات». وختمت الباحثة مقالها قائلة أن الركض بأقدام حافية لا يشكل بحد ذاته أمراً مفيداً أو مضراً، بل أن التدريب والتكييف بصورة مناسبة هما الركنان الأساسيان في هذه الطريقة، تماماً كما هي الحال عند الركض مع انتعال أحذية!