أطلق إقرار مشروع قانون الانتخاب في مجلس الوزراء أول من أمس، على أساس النسبية ودمج دوائر انتخابية وأقضية مع بعضها البعض، مرحلة جديدة من الفرز السياسي في لبنان، ليضيف الى الانقسام المتزايد حول سلاح «حزب الله» والأزمة السورية عاملاً جديداً يؤجج الصراعات السياسية التي ستنعكس في المجلس النيابي. وينتظر أن يستقبل المجلس المشروع الجديد لينظم مراسم دفنه، نظراً الى ان المعارضين له سيشكلون أكثرية، أمامها تحدي صوغ مشروع جديد مغاير له، إذ لقي معارضة شديدة من «قوى 14 آذار» و «جبهة النضال الوطني» النيابية التي يتزعمها النائب وليد جنبلاط. وإذ لقي اقرار المشروع استقبالاً فاتراً من رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي ستقع على عاتقه إدارة النقاش في شأنه وبدائله في البرلمان من الآن فصاعداً، فاكتفى بالدعوة الى مناقشة المشروع «انطلاقاً من الحرص على مصلحة البلد والابتعاد عن كل عوامل زيادة الشرخ بين اللبنانيين»، أعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن المشروع المطروح «هدفه تعويم فريق 8 آذار وموقفنا في لجنة بكركي (المؤلفة من اللقاء الماروني الموسع) هو أن الدوائر الصغرى هي الأفضل». وفيما رأى جعجع ان قانون الستين الذي جرت على أساسه انتخابات العام 2009 لا يضمن صحة التمثيل، فإنه انتقد تقسيم الدوائر في المشروع الحالي ولا سيما تقسيم كل من 3 محافظات الى 3 دوائر فيما الجنوب وبيروت توزعتا على دائرتين «لإعطاء الأفضلية لقوى 8 آذار»، ووضع المغتربين في دائرة واحدة وهو خطيئة مميتة لأنها تبعدهم عن المشاركة في الحياة الوطنية». كما انتقد موقف نواب «التيار الوطني الحر» من تقسيم الدوائر. وإذ تجنب جعجع انتقاد النسبية، قال إنه يتفهم رد فعل الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري الذي اعتبر المشروع هرطقة وعلى قياس «حزب الله» وحلفائه، وأكد أن أي مشروع سنطرحه (سيكون) بالتوافق مع حلفائنا وبالتنسيق مع تيار المستقبل». وطالب النائب بطرس حرب رئيس الجمهورية ميشال سليمان بإعادة المشروع الى مجلس الوزراء لتعديله. وفيما سلّم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «لورشة نيابية لمناقشة المشروع ودرسه لا سيما ان المجلس سيد نفسه»، نقل زوار رئيس الجمهورية أمس عنه انزعاجه من المحادثة الهاتفية التي أجراها معه الرئيس الحريري أول من أمس إثر إقرار مشروع القانون وتحميله مسؤولية «إقرار مشروع من حكومة تمثل أقل من نصف اللبنانيين». ونقل الزوار عن سليمان قوله: «أنا قلت منذ زمن أني مع النسبية وأنا منسجم مع نفسي ولا مصلحة شخصية لي في الأمر. وكان علي أن أعمل لإقرار مشروع قانون الانتخاب في مجلس الوزراء. والموضوع بعد الآن أتركه للنواب كي يقرروا ما يريدون وليوزعوا الدوائر الانتخابية وفق ما يرون؟ كل ما في الأمر أني قمت بما علي». وعلمت «الحياة» أن الحريري كان أبلغ سليمان في اتصاله به أول من أمس أن المشروع «لا علاقة له بالإصلاح وهدفه تسليم البلد الى فريق، وهو مشروع لا يحقق التوازن في التمثيل بل يضرب النسيج اللبناني ويحدث شرخاً فيه». وقال الحريري لسليمان إن المشروع «يسلم البلد لفريق وأنت لا يجوز ان تكون على الحياد في هذه المسألة». وقال النائب جنبلاط لزواره أمس إنه «إذا كان الهدف ان يتم الاستيلاء على البلد بهذه الطريقة فأنا موقفي معروف منذ البداية وأرفض النسبية في هذه الظروف ولن أمشي بهذا المشروع». وقالت مصادر مطلعة إن الحريري اتصل هاتفياً بكل من رئيس حزب «الكتائب» الرئيس السابق أمين الجميل وجنبلاط جعجع، لإبلاغهم بموقفه الرافض للمشروع. وسأل مصدر قيادي في «قوى 14 آذار»: «لماذا قسّم المشروع الجنوب الى دائرتين وأبقى على البقاع 3 دوائر؟ ولماذا تم دمج دائرة صيدا بدوائر صور وجزين والزهراني؟ ولماذا جرى دمج دائرة بعبدا بدائرة المتن الشمالي؟». وانتقد المصدر نص المشروع على اعطاء الحق لرئيس الجمهورية بالتعيين في المقاعد الشاغرة في الدائرة المستحدثة المتعلقة بالمغتربين متسائلاً: «من يضبط آلية انتخابهم علماً ان لا إقبال الآن على تسجيل أسمائهم في السفارات والقنصليات للاقتراع؟». من جهة ثانية، طرأ تطور على قضية المخطوفين اللبنانيين ال 11 في مدينة إعزاز في سورية إذ تمكنت محطتا «إل.بي.سي» و «الجديد» التلفزيونيتين من مقابلتهم حيث هم «ضيوف» على مجموعة من الثوار السوريين كما يقول خاطفوهم، فتحدثوا عبر الشاشتين مع أقاربهم وعائلاتهم وانفجر معظمهم بكاءً لتأثرهم وانتقاداً للحكومة وعتباً عليها. ورافق ثلاثة من أقارب المحتجزين فريقي المحطتين اللذين انتقلا الى إعزاز عبر تركيا. وتحدث مسؤول المجموعة الخاطفة «أبو ابراهيم» الى مراسلي المحطتين مؤكداً استعداده للتفاوض من أجل الافراج عنهم لكن ليس مع الحكومة. وتمنى المحتجزون ان يفرج عنهم قبل عيد الفطر السعيد.