تعيش المناطق الحدودية بين الأردن وسورية اشتباكات «متقطعة» وسط تزايد حالات النزوح وتفاقم العنف في سورية. وبينما كان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني يلتقي وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا في عمان قبل أيام لبحث مرحلة ما بعد الرئيس السوري بشار الأسد، كان الشيك الحدودي الفاصل بين قرية «الطرة» الأردنية وجارتها «تل شهاب» السورية ملبدا بالسواد ونار البارود، بسبب استهداف الفارين إلى الأردن. وقبل وصول بانيتا الأردن، كانت كتيبة من الجيش الأميركي تستعد للتوجه إلى المملكة في إطار برنامج التعاون العسكري بين البلدين. وتحدثت مصادر أردنية مسؤولة ل «الحياة» عن تدريبات مكثفة تجري منذ عدة أسابيع بين وحدات أخرى من الجيشين الأردني والأميركي بالقرب من الحدود الأردنية - السورية. ليلة كاملة قضتها «الحياة» على بعد أمتار من ساحة الاشتباك «المباغت» بحسب وزير بارز في الحكومة الأردنية، أكد أن جميع الاتصالات السياسية وحتى الأمنية بين البلدين «قطعت منذ فترة طويلة». في تلك الليلة كانت القوات المسلحة الأردنية تسيّر ناقلات محملة بالجنود إلى أقرب نقطة من الحدود مع سورية، أما أهالي المناطق الحدودية فكانوا يعتلون أسطح المنازل، لمعاينة مشاهد لم تكن لتخطر على بالهم. وأفادت مصادر رسمية مطلعة ل «الحياة» عن لقاءات أميركية - خليجية وأردنية تجري حالياً وتحمل طابعاً عسكرياً وأمنياً، لبحث التعامل مع مخزون سورية من الأسلحة الكيماوية في حال انهيار سلطة الأسد. وتركز اللقاءات على الخطط الكفيلة بمنع انتشار تلك الأسلحة أو انتقالها للمجموعات المتطرفة. كما يبحث المجتمعون إمكانية توفير الحماية اللازمة للحدود الأردنية. وقالت المصادر إن عدداً من هذه اللقاءات «جرى بعمان أخيراً بعيداً من دائرة الضوء». وأبدى الأردن خلال اللقاءات «عدم رغبته في تحويل حدوده إلى ساحة للاشتباك مع النظام السوري»، لكن العسكريين الأردنيين شددوا على أن القوات المسلحة الأردنية «لن تسمح باختراق حدودها وسترد بقوة». بالمقابل جدد الأردن تحفظه على مسألة تسليح المعارضة السورية أو نقل الأسلحة عبر أراضيه، مؤكداً تخوفه من ردود «فعل انتقامية» للنظام السوري بخاصة هو يستقبل عشرات آلاف اللاجئين السوريين. وبحسب المصادر - التي فضلت عدم الإشارة إليها - فإن دولاً خليجية «تفهمت التخوف الأردني ونظرته المتوجسة من النظام السوري». وفي إحد اللقاءات المذكورة تحدث مسؤولون أردنيون «عن ضبط خلايا سورية «نائمة» كانت تسعى إلى استهداف مواقع أردنية حساسة». وكانت مصادر رسمية أردنية أكدت ل «الحياة»، أن ما يعرف داخل أجهزة الدولة ب «الخلية الأمنية الاستراتيجية» التي تضم مسؤولين كباراً من مؤسسة الأمن، «تمكنت من ضبط بعض الأشخاص المندسين بين تجمعات اللاجئين في مناطق الشمال». وقال محمد أبو رمان الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية ل «الحياة»: «العلاقة بين الأردن وسورية مفتوحة على كل الاحتمالات... الأزمة السياسية والشكوك المتبادلة بين البلدين وصلت إلى أبعد مداها، وتزامن ذلك مع احتكاكات ميدانية». ويرى أبو رمان أن الأردن ماضٍ في دعم المواقف العربية والإقليمية الرامية إلى إسقاط النظام السوري، لكنه في ذات الوقت «قلق من سيناريو الفوضى وربما حرب أهلية سيعيشها الداخل السوري وستكون لها تأثيرات مباشرة على الأردن الجار الشمالي». ويشدد وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام سميح المعايطة على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، مؤكداً رفض الأردن التدخل في الشأن السوري الداخلي. لكن المعايطة يقر بأن الأحداث المتسارعة في سورية «فرضت على بلاده تحديات جديدة».