تتزايد المشاكل التي يواجهها العراقيون منذ تشكيل الحكومة الحالية -رغم نجاحات في دورتها السابقة- وسط تزايد النهب والسرقات الفلكية والفساد الاداري الذي شمل حتى مسؤولي «هيئات النزاهة». وقيل الكثير، وكُتِبَ ونُشر أكثر، حتى صارت أخبار البلاد تغطي مساحات كبيرة في بيانات المنظمات الدولية الانسانية والحقوقية، الأمر الذي لم يعد يجدي معه اتهام جهة او جماعة بعينها بكونها هي التي تدبّر ذلك لتتصيّد في ماء عكر. ان خطورة ما وصلت اليه الاحوال قد لا تعود تجدي معها محاولات الكتل المتنفذة لسحب الثقة من الحكومة ثم تخفيف ذلك الى «استضافة السيد رئيس الوزراء الى البرلمان للمناقشة»، في وقت ترتفع فيه الخطوط الحمر لحدود مماحكات الكتل المتنفذة مهددة وجود الكتل المتنفذة، التي تكوّنت على أساس السكّة التي رسمها الحاكم الأميركي السابق بريمر، وعلى أساس مواقف الناخبين حينها رغم التلاعب في عمليات الانتخابات. ان الارتفاع الكبير في درجات حرارة صيف تموز اللاهب وتواصل انقطاع الكهرباء أساساً، واستمرار تعثّر توافر الماء الصالح للشرب، وديمومة خراب مشاريع الصرف الصحي والنتائج الوخيمة لذلك في بلاد يعرف أهلها بأنها بلاد البلايين البترودولارية والمعادن النادرة من الذهب والزئبق الاحمر والى عوائل معادن الكولتان والانواع المتقدمة من اليورانيوم وغيرها، رغم التعتيم على قيمها الهائلة، والتي بدأت العمليات المتنوعة لسرقتها بأنواع فرق الكوماندوز مع اشتعال الحرب الخارجية التي أسقطت الديكتاتورية كما أسقطت الشعب في فخ المحاصصة... المعادن التي تتراكض عليها شتى الاحتكارات الدولية دافعة اموالاً لا تحدها حدود الاّ حدود الفساد والعمولات. ان الشعور المتزايد للمواطن العراقي بأنه رقم لا قيمة له، في حرب لصوصية من نوع جديد تشارك فيها اقطاب دولية واقليمية وداخلية بالشعارات الطائفية والعرقية، وفي منطقة تلتهب بتصاعد الصراع الدامي لاسقاط بشار الاسد واضطرار عراقيي المهجر السوري الى العودة بكل الطرق الى بلادهم بعد ضياعهم الطويل في الغربة وفقدانهم من جديد حتى الحد الادنى الذي اضطروا إلى قبوله مرغمين وانسداد جدوى الهروب من الواقع، وبروز دور الجماهير أكثر من أجل تحقيق الحد الادنى لمقومات العيش بعد تغييب ذلك الدور وتشويهه... كل ذلك وغيره سيشكل من جديد مرتعاً خطيراً لمنظمات ارهابية جديدة، في مقدمها «القاعدة» التي صارت تعلن عن خططها الاجرامية بصوت عال، بتحالفاتها الجديدة. ان استمرار اهمال الحكومة لشعبها قد يصل الى حدود قد لا يخفف منها تصاريح او هبات مادية او توافقات على برامج وإعادة رجال من الزمن البائد، على خطورتها، ولا مشاريع مكتوبة على ورق، ولا احتفالات لنجوم ترفيه، بعد ان ابتعدت الطبقة الحاكمة عن الشعب الذي يزداد تغرّباً عنها حتى بما يردد في مواكبه المذهبية، الأمر الذي صار يتطلب من الطبقة الحاكمة إجراءات عملية فورية بمستوى سرعة التطورات الجنونية. ان الطبقة الحاكمة بكتلها النافذة، ان لم تحقق شيئاً ملموساً للمواطن يبدأ بالتخفيف الفعلي من مآسيه اليومية، ليتواصل على منحه حقوقه الإنسانية الاساسية، قد لا توقفه اي حجة بعد ان ذاق المرارات كلّها وصارت قدرته على التحدي والمواجهة اعلى من السابق وفق المبادئ الاولية لعلم النفس الاجتماعي، الامر الذي قد يهدد بانفجار شعبي مدو او بانتفاضة لا تبقي ولاتذر.