منذ اعلان نتائج الانتخابات العراقية في آذار (مارس) تستمر البلاد في مآسيها رغم التصريحات المتضاربة للمسؤولين الكبار وللمتحكمين الدوليين والإقليميين بالقضية العراقية. وفيما اعتقدت الغالبية الواعية والحريصة على سلامة البلاد بأن الحكومة الجديدة ستتشكّل على اساس تآلف القوائم الأربع الذي فاز في الانتخابات. والذي يمكن ان يصون وحدة البلاد ويعزز مؤسسات الدولة الناشئة، تستمر الخلافات والسجالات مستعرة بين القوائم المتنفذة، على اساس تسمية أشخاص محددين وليس على أساس خلافات على برامج، وتسود فيها مناورات وتصريحات علنية في صياغتها، خفيّة وغامضة في معانيها ومراميها وبالتالي ارتباطاتها، اضافة الى تزايد ابتعادها عن واقع الحياة اليومية الصعبة التي ابتلى بها العراقيون. فبعد مرور أكثر من سبع سنوات مريرة، توضحت حقائق مذهلة عن تطورات الواقع العراقي من جهة وعن ماهية المتحكمين في تكوينه والسير به، وماهية المصالح الأنانية والضيقة داخلياً وإقليمياً ودولياً، اضافة الى تزايد الفساد وتواصل لغة العنف. يزداد اتّباع اسلوب «سياسة حافة الهاوية» بروزاً في التعامل بين القوائم المتحكمة، من تعنّت وتشبث بالمقعد وتهديدات علنية ومبطّنة، الى الإحراج، والإغراء والتهديد بكشف مستور، وتواصل محاولات أسلوب «تفليش» بيت الآخر ببناء بيت جديد تحت خيمته ولو اسمياً.. في مسيرة تتطلب تكاتف قوى البلاد بكل اطيافها، للوقوف معاً في مواجهة التحديات، ولمحاولة النجاح في اعادة بناء البلاد الثرية، أسوة بدول المنطقة على الأقل. ولا يذكّر اتباع اسلوب «سياسة حافة الهاوية» مع الأطراف العراقية الاّ بأسلوب تكوّن وصعود الديكتاتور، الذي في سبيل تحقيق زعامته، اوقع الأحزاب العراقية بأنواع الحيل والمؤامرات مستعيناً بأحدها للإيقاع بالآخر والتي شملت حتى الذين ساعدوا على وصوله هو الى السلطة. فيما كان في الوقت نفسه يرتب عرشه داخل حزبه، باتباع الأسلوب نفسه الذي جعل من حزبه «الحزب القائد» وصار به «القائد الضرورة» لبلاد مسالمة أوقعها بغروره ومغامراته في حروب هشّمت البلاد وشعبها وفتحت ابوابها لكل الطامعين كي يبقى هو «الضرورة». ان ما جرى سابقاً علّم البلاد ان ما يجرى اليوم، يحمل معه الأخطار نفسها التي كوّنت نظام «القائد الضرورة» وفتحت به نيران جهنم على العراق الجميل الثري.