أبلغ لبنان الى أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الدكتور سعيد جليلي الذي زار بيروت أمس، عدم مشاركته في الاجتماع الاستشاري الدولي حول الوضع في سورية، والذي دعت إيران الى عقده في طهران بعد غد الخميس بمشاركة 12 دولة. وأكد الجانب اللبناني أنه ملتزم سياسة النأي بالنفس في ما يخص الأزمة السورية، وأنه مثلما لم يحضر اجتماعات أصدقاء سورية في تونس والمغرب وباريس وكذلك اجتماعاً سابقاً في طهران، فإنه لن يشارك في اجتماع الخميس المقبل في العاصمة الإيرانية. واجتمع جليلي أمس مع كل من رؤساء الجمهورية ميشال سليمان، البرلمان نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي، ووزير الخارجية عدنان منصور لبحث التطورات في سورية، وانعكاساتها على لبنان، فيما لقيت زيارته رفضاً واضحاً من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي أعلن أن زيارته «غير مرحب بها في هذه المرحلة الحساسة التي يتعرض لها الشعب السوري لأبشع أصناف المجازر على يد نظام بشار الأسد وحماته الخارجيين... وتتعارض مع مصلحة الشعب اللبناني». وقال: «إننا ننظر بريبة شديدة الى أهداف الزيارة التي تأتي بعد التهديدات من القيادات السياسية والعسكرية الإيرانية يمنة ويساراً»، معتبرا أنها «لن تجدي نفعاً في تأخير السقوط المحتم لحليفها بشار الأسد». وكان لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط انتقاد لافت لزيارة المسؤول الإيراني، إذ قال: «حبذا لو أن السيد جليلي اهتم بالشؤون الداخلية لبلده، التي شهدت بعض مناطقه انتفاضة شعبية عرفت بانتفاضة الدجاج قياساً لما تعانيه الشرائح الاجتماعية الفقيرة، بدل توزيع الترسانات العسكرية هنا وهناك وقد أصبح سعر الدجاج أغلى من سعر الصواريخ». واعلن جنبلاط بعد زيارة الرئيس سليمان: «نريد السلاح دفاعاً عن لبنان فقط لا عن مضائق هرمز أو سواها». وشمل نشاط جليلي في بيروت زيارته ضريح القائد العسكري في «حزب الله» عماد مغنية. وعرض جليلي مع الرئيس سليمان التحضيرات لعقد قمة دول عدم الانحياز في طهران نهاية الشهر الجاري والتي سيشارك فيها الأخير. وأشار المكتب الإعلامي الرئاسي الى أن جليلي شدد على أنه «يجب عدم السماح باستخدام الإمكانات الكبيرة للمقاومة في دول المنطقة لتأجيج الخلافات الطائفية». ولاحظ المسؤول الإيراني بعد لقائه الرئيس بري أن «لبنان تحول الى نجم ونموذج يحتذى به في مجال المقاومة ومن بركات هذه المقاومة ما شهدناه من صحوة إسلامية نعتبر أنها فرصة سانحة جداً بالنسبة الى المقاومة». وعن التوقعات بأن تكون بيروت مكاناً للمفاوضات المقبلة بين إيران ودول «5+1» حول الملف النووي، قال إنه لم يطرح «لكن نعتبره اقتراحاً جيداً ونفتخر أن تعقد المفاوضات على أرض المقاومة». وأكد جليلي أن العلاقات الثنائية مع لبنان «طيبة وعميقة واستراتيجية مترامية الأطراف»، مشدداً على «الاحترام الخاص للبنان أولاً لأنه رمز المقاومة وثانياً لأنه بات يشكل مدماكاً أساسياً للأمن والاستقرار على مستوى المنطقة برمتها». ووصف خطف الزوار الإيرانيين ال48 في دمشق ب «العمل المشين الذي لا يمكن أي عاقل أن يؤيده». وتبلغ جليلي اعتذار لبنان عن عدم المشاركة في الاجتماع الذي دعت إليه طهران حول سورية الخميس من الوزير منصور الذي كان سبق أن تلقى الدعوة السبت الماضي وعرضها على الرئيس في اليوم نفسه. وعلمت «الحياة» أن منصور أبلغ رئيس الحكومة أن هدف الاجتماع وفق جدول الأعمال دعم تنفيذ النقاط الست في خطة كوفي أنان المستقيل وأن من المستبعد حصول تصويت على قرارات خلال الاجتماع. وقالت مصادر وزارية إن ميقاتي قال للوزير منصور إن استقالة أنان وضعت خطته خارج البحث. كما أبلغه بأن لبنان لم يحضر الاجتماعات التي عقدت سابقاً لأصدقاء سورية تطبيقاً لمبدأ النأي بالنفس عن الأزمة السورية. وذكرت المصادر الوزارية أن سليمان عرض الأمر مع ميقاتي على هامش عقد جلسة مجلس الوزراء قبل ظهر أمس، وأبلغا الوزير منصور بأن يبلغ جليلي عدم اشتراك لبنان في المؤتمر. على صعيد آخر، أكد السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري أن القرار الذي أصدرته وزارة الخارجية بتحذير المواطنين السعوديين من السفر إلى لبنان خلال هذه الفترة لا يزال ساري المفعول، بخاصة أن الأوضاع الإقليمية لا تزال تستدعي اتخاذ تدابير الحيطة والحذر.