خاطبت ريم بنّا في حفلتها التي أحيتها على مسرح الجنينة في القاهرة أخيراً، قلوب المصريين النابضة بالثورة المستمرة. وبعد غياب طويل، غنّت ابنة الناصرة بدعوة من مؤسسة «المورد الثقافي»، القصيدة مثل «أمسى المسا» و «مرايا الروح»، والفولكور الفلسطيني مثل «غنوة مشعل»، والأغنية التراثية مثل «يا ستي العرجة». ولن تنسى أبداً الأغاني الوطنية مثل «راس الجبل» التي أهدتها لجميع الواقفين خارج المسرح ولم يجدوا تذاكر للدخول، إضافة الى «مالك» التي أهدتها أيضاً إلى المحاصرين في غزة. وقد أدخلت بعض التغييرات على هذه المجموعات الغنائية المكرّرة، لكسر النمطية. وأعربت عن تأثرها الشديد بالحضور الجماهيري الكبير وعدم قدرة «المورد الثقافي» على إقامة حفلة ثانية. لكنها لم تخذل جمهورها، فشاركت أيضاً في احتفالية «الفن ميدان» التي ينظمها إئتلاف الثقافة المستقلة، وذلك كمبادرة تضامنية وتحية للثورة المصرية. وعن تحاورها وتلاطفها مع الجمهور طوال الحفلة، أشارت بنّا إلى أن من يعرفونها، يدركون أنها تعيش بالشخصية نفسها طوال الوقت، سواء على المسرح أو في الحياة العادية ولا تسعى لتكوين صورة ذهنية لدى الجمهور الذي تعتبره صديق أكثر من معجب بفنها. وعن مجموعة الموسيقيين التي شاركت معها، أشارت إلى أنها اختارتهم من إيطاليا «لأنني أحيي باستمرار حفلات في بلدان مختلفة، وهناك بالطبع عوائق للتحرك من جانب الجيش الاسرائيلي المحتلّ، فاستعنت بهؤلاء العازفين حتى نتحرك بحرية أكثر». وأضافت: «هم موسيقيون محترفون على مستوى عالٍ، استطاعوا الامساك بروح اللحن والموسيقى من خلال الاستماع الى ألبوماتي بدقة، هذا عدا عن الانسجام الذي بنيناه من خلال الحفلات الكثيرة التي قدمناها معاً». بصمة ريم بنّا واضحة في كل مراحل أغنياتها، بداية من اختيار الكلمات التي تحمل توقيع شعراء فلسطينيين مرموقين مثل محمود درويش وسميع القاسم وماجد أبو نوش وتوفيق زياد، الى وضع اللحن، الى العمل على التوزيع مع موسيقيين من النروج، وصولاً إلى التوليفة النهائية والتسجيل. تؤمن الصبية المفعمة بالأمل بما تقدمه، فمعظم أغانيها الفريدة والتي لا تتقيّد بمدرسة، لحّنتها بنفسها «من نتاج مخزون موسيقي ثري في المحيط الفلسطيني»، كما تقول. وتؤكد: «لا أعرف ما نوعية الموسيقى التي أقدمها، بمعنى أنني لا أشغل نفسي بموضوع التصنيف، هناك من يراها بطعم «الجاز- روك» أو تدور في هذه المنطقة، لكنني لا أتوقف عند تلك الأمور». وتتساءل: «ألبومي المقبل مثلاً يغوص في عالم الصوفية، فكيف سيُصنّف؟». وتضيف: «في النهاية، الموسيقى أو الأغنية إما أن تعجبك أو لا، هل هي موسيقى جيدة ووراءها فكر وجهد أم لا؟». وتشرح أن تجربة التعلم في روسيا والتجوال في مدن أوروبية وغيرها، ساهمت في منحها مجالاً أوسع للاحتكاك بأنواع موسيقية كثيرة. أما عن شخصيتها الفنية، فتقول: «منذ بدايتي أحمل رسالة وأسير في اتجاه واحد هو خدمة قضية وطني فلسطين الحاضر الأول ومعاناة شعبي... هو طريق مقاومة ونضال، ليس بالسلاح فقط بل إن وجودنا فنياً وثقافياً خصوصاً في الغرب، خطوة تزعج المحتل أكثر من الخطاب السياسي». لذلك لا تتعب المناضلة الفنية من السفر وإحياء الحفلات في الخارج. وقبل مجيئها الى مصر بيوم واحد (أي الاسبوع الماضي)، شاركت مع الاوركسترا النروجية في حفلة ضخمة، كما شاركت قبل ذلك في مهرجانات في إسبانيا وألمانيا والسويد ولبنان. وكانت المطربة الأولى التي تزور تونس بعد «ثورة الياسمين». ريم بنّا، أصدرت ألبومها الجديد بعنوان «صرخة من القدس»، وأنشأ لها أصدقاؤها صفحة على موقع «فايسبوك» بعنوان «أصدقاء ريم بنّا في مصر».