كتب إرنست همنغواي رواية «الذين يملكون والذين لا يملكون» عام 1937. صدرت ترجمتها العربية أخيراً عن وزارة الثقافة في دمشق بتوقيع توفيق الأسدي. تتحدث الرواية عن مكابدات الربان البحري هاري مورغان الذي يعمل على قارب في تهريب البضائع بين كوبا وفلوريدا. تقدم الروايةُ هاري رجلاً خيّراً أرغمته ظروف اقتصادية قاسية للعمل في السوق السوداء، في البداية ينجح السيد جونسن بخداع هاري ويهرب من دون أن يدفع أجرة القارب فيتخذ هاري قراراً حاسماً بتهريب المهاجرين الصينيين إلى فلوريدا ليتدبر أمور حياته وتعويض خسائره، إلى جانب نقل أنواع مختلفة من الشحنات غير القانونية بين كوبا وفلوريدا في شكل منتظم مثل الثوار الكوبيين ليعيل أسرته ويفقد يده وقاربه في تبادل لإطلاق النار بينما كان يهرّب الكحول، وهذا ضد القانون، إلى جزيرة في فلوريدا اسمها «كي ويست». تظهر في الرواية آثار مرحلة الكساد الكبير في شكل واضح على شخوصها بما فيها الفقر والانحلال القيمي اللذان يثقلان كواهل سكان «كي ويست» الفقراء الذين يشار إليهم في الرواية بلقب (الكونكس)، وهذه الرواية متأثرة بسيناريوات السينما فالرواية رواية مغامرات بوليسية ومطاردات في بعض جوانبها، وذاكرة الكاتب ذاكرة سينمائية فشخوصه يستشهدون بأبطال هوليوود كثيراً. «الذين يملكون والذين لا يملكون» هي الرواية الثانية لهمنغواي التي تجرى أحداثها في الولاياتالمتحدة الأميركية بعد رواية «سيول الربيع» وكتبها في شكل متقطع بين 1935 - 1937 ونقحها أثناء سفره وتنقلاته خلال الحرب الأهلية الإسبانية. تسرد الروايةُ تواريخ عن «كي ويست» وكوبا وتعتبر أيضاً عرضاً اجتماعياً لفترة الثلاثينات الكاسدة من القرن الماضي. يظهر تأثير الفكر الماركسي على العمل جلياً إذ كان همنغواي يناصر الجمهوريين في الحرب الأهلية الإسبانية وقت كتابة الرواية وتلقى العمل نقداً متفاوتاً. يتألف العمل من قصتين قصيرتين كتبهما همنغواي في وقت سابق هما (رحلة من جانب لآخر) و (عودة التاجر) وهما تشكلان الفصول الأولى من الرواية و تشكل ثلثي الكتاب روايةٌ قصيرة أخرى كتبها فيما بعد. يوصف أسلوب القص بالحداثة إذ تعرض الرواية وجهات نظر لشخصيات متنوعة في أوقات مختلفة حيث يبدأ بصيغة المتكلم (وجهة نظر بطل الرواية هاري) ثم بعدها ينتقل لصيغة الغائب العالم بكل ما يحدث وبعدها يعود لصيغة المتكلم (لكن من وجهة نظر آل هذه المرة) ثم صيغة المتكلم (وجهة نظر هاري مجدداً) فصيغة الغائب العالم بكل شيء وتستمر حتى نهاية الرواية. ونتيجة لهذا الأسلوب من السرد تُكتب أسماء الشخصيات تحت عناوين الفصل للدلالة على المتحدث في هذا القسم أو ذاك. يقال إن همنغواي اضطر إلى كتابة الرواية كي يوفي ديوناً مالية وقد اقتبس عنها ثلاثة أفلام أولها فيلم بالاسم نفسه للمخرج المعروف «هاورد هوكس» عام 1944، بعد أن «نظفها» من الفكر الماركسي ونقل مكان الأحداث إلى جزر المارتينيك الغربية وأجرى تحويلات على الحبكة إلى قصة رومانسية تشويقية تركز على قصة الحب بين هاري مورغان وماري براوننيغ. الاقتباس الثاني كان فيلماً بعنوان «نقطة الانكسار» في عام 1950 من إخراج مايكل كورتيز والنجوم جون كارفيلد وباتريشا نيل وجوانو هاراندز الذي أخذ دور مورغان. تغير المكان إلى جنوب كاليفورنيا وهو الاقتباس الأكثر إخلاصاً للرواية. الفيلم الثالث كان بعنوان «الجري بالبنادق» عام 1958 الذي أخرج من قبل دون سيكال ومثل فيه النجم أودي مورفي. نقل هاورد كوكس عن همنغواي قوله إن هذه الرواية هي من أسوأ أعماله، ووصفها بأنها «قمامة». ويقال أيضاً إن همنغواي كتبها في فندق كمبليت أنغلر في بيميني في جزر البهاماس.