غنّى لمصر «شدي حيلك يا بلد»... إلا أنه رحل قبل أن تفعل محبوبته ما أنشدها إياه. وتوفي الفنان محمد نوح، فجر أمس، عن عمر يناهز ال75 سنة، بعد صراع طويل مع المرض إذ عانى اضطرابات في القلب، أدخل إثرها المستشفى ليخضع لفحوص طبية، فوافته المنيّة. وكان نوح فضّل الاعتزال في أوائل التسعينات، باستثناء تقديمه أعمالاً فنية قليلة، وظهوره النادر في وسائل الإعلام. ولد محمد نوح في مدينة طنطا بمحافظة الغربية عام 1937، وتخرّج في كلية التجارة في جامعة الإسكندرية ثم نال دبلوم معهد الموسيقى العربية، وتابع دراسته في التأليف الموسيقي في جامعة ستانفورد الأميركية. بدأ الراحل حياته في المسرح الغنائي المصري كمطرب وممثل، كما اشتهر بقدرته الفائقة على عزف آلات موسيقية عدة، بينها البيانو والعود والكمان والناي. ولحّن موشحات وأغاني لمطربين كبار مثل نجاح سلام وعلي الحجار ومحمد الحلو ومحمد ثروت وعفاف راضي، كما وضع الموسيقى التصويرية لعدد كبير من الأعمال الفنية وتولى إخراج عمل سينمائي بعنوان «رحلة العائلة المقدسة». وكوّن الراحل، في أعقاب حرب 1973، فرقة «النهار» الغنائية التي قدّم من خلالها موجة جديدة من الأغاني الوطنية الحماسية. وفي مرحلة تالية من حياته شكّل «رباعي نوح» الذي ضمّ أيضاً ابنه وابنتيه، كما أسّس فرقة «النهار» المسرحية. ومن أشهر أغاني نوح «دلعو يا دلعو والحب محدش منعو»، و»بحبك يا حياة»، و»لا على بالي»، و»حبيبتي يا حبيبتي». لكن أغنيته الأشهر على الإطلاق كانت «مدد مدد... شدي حيلك يا بلد» التي باتت إحدى أيقونات النضال المصري في مجالات كثيرة، ورددها المتظاهرون على نطاق واسع خلال مسيرات واعتصامات ثورة 25 يناير. وشارك نوح في عدد من الأفلام السينمائية، منها «الزوجة الثانية» و«شباب في العاصفة» و«السيد البلطي»، ووضع موسيقى أفلام «قلب جرئ» و«كريستال»، و«مرسيدس» ليسري نصر الله، و«المهاجر» و«إسكندرية كمان وكمان» ليوسف شاهين. وعمل سنوات طويلة أستاذاً للصوتيات في معهد السينما، وأستاذاً للمسرح الغنائي في معهد الموسيقى العربية. وله الكثير من الأبحاث في الموسيقى الفرعونية والتاريخ الفرعوني واللغة المصرية القديمة. وحاز محمد نوح جائزة الدولة التشجيعية في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام 1991، وجائزة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في العام ذاته.