الصحف «الدينية» ليست جاذبة للناشرين في مصر عموماً لأنها لا تستقطب إعلانات بالقدر الكافي لضمان استمرار صدورها، فضلاً عن أنها لا تحظى بإقبال القراء مقارنة بالصحف الفنية أو الرياضية أو السياسية. ولكن يبدو أن هذا الوضع تغير إلى حد ما بعد «ثورة 25 يناير» (2011) وصعود تيار الإسلام السياسي، وما استتبعه من احتدام الجدل حول قضايا دينية تفسح لها الفضائيات يومياً ساعات طويلة لمناقشتها، وربما استمدت منها مادة للإثارة والتشويق وجذب الإعلانات. وفي هذا السياق، صدرت في القاهرة أخيراً صحيفة «المسلمون»، ويترأس تحريرها الصحافي المصري صلاح قبضايا الذي كان يتولى سابقاً رئاسة تحرير جريدة تحمل الاسم ذاته كانت تصدر من لندن في ثمانينات القرن الماضي. وتصدر «المسلمون» الجديدة أسبوعياً في حجم «التابلويد»، عن شركة «السبيل للصحافة والطباعة والنشر»، بترخيص من المجلس الأعلى المصري للصحافة. ويؤكد ناشروها أنها «جريدة إسلامية معتدلة تتبنى فكر الإسلام الوسطي، ومرجعيتها الأزهر ووثيقته التي لاقت قبول تيارات مختلفة، فضلاً عن رأس الكنيسة المصرية الراحل البابا شنودة الثالث». ركز العدد الأول من «المسلمون» على موضوع انتخابات الرئاسة المصرية من «منظور ديني إسلامي»، فيما تضمن العدد الثاني «اعترافات لم يسبق نشرها للقيادي الإخواني سيد قطب» الذي نفذ فيه نظام عبدالناصر حكم الإعدام. وعن أسباب صدور الجريدة في هذا التوقيت، يقول قبضايا: «مصر تعيش الآن زخماً إعلامياً، وبعض الفضائيات يأتي بفتاوى غريبة تنطوي على قدر ملحوظ من التحيّز والتشدد، وإن كانت الوسطية مستمرة وغالبة. ولهذا أصدرنا «المسلمون» لتكون جريدة دينية تتسم بالوسطية والاعتدال، وتلتزم العقلانية، وتعالج، ليس قضايا فقهية فقط، وإنما أيضاً كل الأمور المطروحة على الساحة من منطلق أخلاقي إسلامي وسطي. وتتمثل مرجعيتنا في الأزهر ووثيقته التي صدرت عقب ثورة 25 يناير». ويرى قبضايا أن الاختلاف بين «المسلمون» القديمة والجريدة الجديدة يكمن في أن الأولى كانت في 5 دول وتخاطب المسلمين في كل مكان، أما الثانية فتطبع في مصر فقط، ما يعني أنها تخاطب القارئ المصري في المقام الأول. ويؤكد قبضايا الذي ترأس تحرير عدد من الصحف منذ أواخر السبعينات من القرن الماضي، أن نجاح جريدة «المسلمون» الدولية التي ترأس تحريرها عام 1985 أغراه بتكرار التجربة، بالإضافة الى أن أكبر توزيع لهذه الجريدة في ذلك الوقت كان من نصيب مصر. كما أن فوضى الفتاوى التي تعيشها مصر الآن في ظل «المتاجرة بالدين» في أمور السياسة، إضافة إلى استخدامها للحصول على مكاسب في مختلف النواحي... استفزت قبضايا - على ما يقول - وجعلته يُقدم على إصدار جريدة «تقدم مفهوماً معتدلاً للدين ويتبنى منهج أهل السنّة والجماعة الذي يلتزم العقل والنقل وإحياء العلوم كلها من دون أن تتجاهل التطور العلمي والإسلامي». أما شركة «السبيل للصحافة والطباعة والنشر»، فهي شركة مساهمة مصرية يشارك فيها 10 أشخاص لا ينتمون إلى أي جماعة أو تنظيم أو حزب سياسي، كما يقولون. ويترأس مجلس إدارة الشركة والجريدة المهندس مصطفى شوقي، وهو يعمل في مجال الاستثمار، وحرص على توضيح منهج الجريدة وهويتها في مقال افتتاحي بقوله: «إننا لا ننحاز الى فئة أو طائفة على حساب غيرها، ولا ننتمي إلا إلى الفكر الإسلامي الوسطي السديد». ويؤكد أن الجريدة «ستعمل على كل ما يشغل الأمة الإسلامية من قضايا وأحداث». ويقول: «إننا ملتزمون بمذهب أهل السنّة والجماعة»، مؤكداً حرص الجريدة على عدم التورط «في مسايرة تيارات منحرفة ترفع الشعارات الطائفية والمبادئ الأيديولوجية التي تتعارض مع ثوابت الأمة وتبتعد عن سماحة الأديان السماوية كلها وجوهر الإسلام الذى يلتزم العدل والمساواة».