صعّدت إسرائيل أمس لليوم الخامس والأربعين عدوانها على قطاع غزة، وارتكبت مجازر جديدة أودت بحياة اكثر من 50 فلسطينياً بعد خرقها التهدئة قبل ثماني ساعات من موعد انتهائها منتصف ليل الثلثاء الأربعاء. وحققت قوات الاحتلال الإسرائيلي «إنجازاً» استخبارياً وعسكرياً هو الأول من نوعه منذ بداية العدوان في الثامن من الشهر الماضي، عندما اغتالت ثلاثة من قادة «كتائب القسام» الذراع العسكرية لحركة «حماس». وجاء اغتيال قائد جنوب القطاع محمد أبو شمالة وقائد محافظة رفح رائد العطار والقائد محمد برهوم في منزل لعائلة كلاّب في حي تل السلطان غرب مدينة رفح جنوب القطاع، بعد يوم من فشلها في اغتيال القائد العام ل «الكتائب» محمد الضيف. ويقدم اغتيال الثلاثة دليلاً على الدور التخريبي للعملاء والمتعاونين مع جهاز الأمن العام الإسرائيلي «شاباك» الذي وجه له رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الشكر على هذا «الصيد الثمين». وعلى الفور أعلن مسؤول أمني في «حماس» اعتقال سبعة عملاء، وإعدام ثلاثة منهم «ثورياً»، أي بعد التحقيق معهم وثبوت التهم عليهم بقتلهم ميدانياً من دون محاكمات. وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي مسؤولية إسرائيل عن اغتيال «القائدين الكبيرين في حماس رائد عطار ومحمد أبو شمالة». واعتبر أدرعي أن «العطار كان مسؤولا عن توجيه عمليات حماس في سيناء، إضافة إلى الإشراف على عملية بناء قوة حماس في منطقته» في محاولة للوقيعة بين الحركة ومصر في ظل العلاقة المتوترة بين الطرفين. ووصف الناطق باسم «حماس» سامي أبو زهري اغتيال القادة الثلاثة بأنه «جريمة إسرائيلية كبيرة، لن تفلح في كسر إرادة الشعب الفلسطيني، ولن تضعف المقاومة». وتوعد أبو زهري في بيان صحافي إسرائيل «بدفع ثمن اغتيال هؤلاء القادة». وأعلن في وقت لاحق أن اسماء القادة الثلاثة «ستتحول إلى صواريخ تحرق الصهاينة»، على غرار جعبري 80 ورنتيسي 160 وغيرها. واستشهد في الغارات ال12 التي شنتها طائرات حربية إسرائيلية أميركية الصنع من طراز «أف 16» سبعة من أبناء عائلة كلاّب، جلهم من النساء والأطفال، ووالد مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان عصام يونس، المربي حسن يونس وزوجته آمال البلبيسي، وحفيدته صبا رامي يونس (4 أعوام) في منزلهما الملاصق لمنزل عائلة كلاّب. كما أصيب 22 طفلا، و16 امرأة بجروح مختلفة، معظمهم من عائلتي يونس وأبو سلمية المجاور للمنزل المستهدف. وأدى القصف إلى تدمير المبنى السكني المؤلف من عدة طوابق لعائلة كلاب كلياً وإلحاق اضرار كبيرة بمنازل مجاورة. ونعت «كتائب القسام» في بيان القادة الثلاثة، وقالت إنهم من «الرعيل الأول لكتائب القسام الذين تزينت بهم ساحات العز والجهاد وتشرف بهم الوطن الحبيب، وأذاقوا العدو الويلات وجرّعوا جنوده المرارة منذ ما يزيد على 20 عاماً». وشددت على أنها «لا يفت في عضدها ولا في عضد مجاهديها استشهاد أي من قادتها، بل يزيدها ذلك إصراراً وعزيمةً على حمل الراية ومواصلة الطريق». وتعهدت بأن يدفع الاحتلال «ثمناً غالياً لهذه الجريمة وجرائمه المستمرة في حق أبناء شعبنا». وكان نتانياهو توعد خلال مؤتمر صحافي عقده ليل الأربعاء الخميس بمواصلة العدوان على القطاع، واغتيال قادة الفصائل. وارتكبت قوات الاحتلال سلسلة مجازر في مناطق مختلفة من القطاع أمس. وأعلنت مصادر طبية فلسطينية استشهاد نحو 30 فلسطينياً، ما يرفع عدد الشهداء منذ خرق التهدئة مساء الثلثاء الماضي من قبل إسرائيل إلى حوالى 55 شهيداً، ليصل عدد الشهداء منذ بداية العدوان إلى حوالى 2095، والجرحى إلى 10400. واستشهد خمسة مواطنين، بينهم ثلاثة أطفال، في قصف استهدف مجموعة من المواطنين في شارع النفق، وخمسة آخرين من حفاري القبور في مقبرة الشيخ رضوان شرق مدينة غزة وشمالها على التوالي. وانتشلت الطواقم الطبية الفلسطينية الخميس جثة الطفلة سارة محمد الضيف (ثلاثة أعوام) ابنة القيادي محمد الضيف من تحت ركام منزل عائلة الدلو الذي قصفته إسرائيل فجر الأربعاء في محاولة لاغتياله. في الأثناء، واصلت فصائل المقاومة الفلسطينية الرد على العدوان وأطلقت نحو 250 صاروخاً وقذيفة منذ خرق التهدئة، من بينها 168 أول من أمس. واستهدفت الفصائل المواقع العسكرية والمستوطنات المحاذية للقطاع وأخرى تقع في نطاق 40 كيلومتراً، وصولا إلى مطار بن غوريون على بعد نحو 80 كيلومتراً، تنفيذاً لقرار «كتائب القسام» بمنع الرحلات الجوية إليه اعتباراً من السادسة من صباح أمس. وأصيب سبعة إسرائيليين بجروح، وتم الحاق أضرار في عدد من المنازل والسيارات، واشتعال النيران في بعض المناطق جراء القصف.