الصين تخفض الرسوم الجمركية على الإيثان والمعادن المعاد تدويرها    انخفاض سعر صرف الروبل أمام الدولار واليورو    المكسيك.. 8 قتلى و27 جريحاً إثر تصادم حافلة وشاحنة    بعد وصوله لأقرب نقطة للشمس.. ماذا حدث للمسبار «باركر» ؟    الفرصة مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    أدبي جازان يشارك بمعرض للتصوير والكتب على الشارع الثقافي    دبي.. تفكيك شبكة دولية خططت ل«غسل» 641 مليون درهم !    «الجوير».. موهبة الأخضر تهدد «جلال»    ابتسامة ووعيد «يطل».. من يفرح الليلة    رينارد وكاساس.. من يسعد كل الناس    الأردن تدين حرق قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان    رئيس الشورى اليمني: نثمن الدعم السعودي المستمر لليمن    مكي آل سالم يشعل ليل مكة بأمسية أدبية استثنائية    جازان تتوج بطلات المملكة في اختراق الضاحية ضمن فعاليات الشتاء    الرويلي يرأس اجتماع اللجنة العسكرية السعودية التركية المشتركة    مدرب ليفربول لا يهتم بالتوقعات العالية لفريقه في الدوري الإنجليزي    رئيس هيئة الأركان العامة يلتقي وزير دفاع تركيا    رينارد: مباراة العراق حاسمة ومهمة للتقدم في البطولة    لخدمة أكثر من (28) مليون هوية رقمية.. منصة «أبشر» حلول رقمية تسابق الزمن    السعودية تقدم دعمًا اقتصاديًا جديدًا بقيمة 500 مليون دولار للجمهورية اليمنية    "جلوب سوكر" .. رونالدو يحصد جائزة "الهداف التاريخي"    البيت الأبيض: المؤشرات تؤكد أن الطائرة الأذربيجانية سقطت بصاروخ روسي    مدرب قطر يفسر توديع كأس الخليج    القبض على أطراف مشاجرة جماعية في تبوك    «سلمان للإغاثة» يوزع 526 حقيبة إيوائية في أفغانستان    ضبط 3 مواطنين في نجران لترويجهم (53) كجم "حشيش"    وزير «الشؤون الإسلامية»: المملكة تواصل نشر قيم الإسلام السمحة    خطيب الحرم: التعصب مرض كريه يزدري المخالف    مآل قيمة معارف الإخباريين والقُصّاص    الصندوق السعودي للتنمية يموّل مستشفى الملك سلمان التخصصي في زامبيا    مهرجان الرياض للمسرح يبدع ويختتم دورته الثانية ويعلن أسماء الفائزين    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    إحالة 5 ممارسين صحيين إلى الجهات المختصة    عبقرية النص.. «المولد» أنموذجاً    مطاعن جدع يقرأ صورة البدر الشعرية بأحدث الألوان    اجتثاث الفساد بسيف «النزاهة»    أميّة الذكاء الاصطناعي.. تحدٍّ صامت يهدد مجتمعاتنا    نائب أمير مكة يفتتح ملتقى مآثر الشيخ بن حميد    «كليتك».. كيف تحميها؟    3 أطعمة تسبب التسمم عند حفظها في الثلاجة    فِي مَعْنى السُّؤَالِ    ليندا الفيصل.. إبداع فني متعدد المجالات    المقابر الجماعية في سورية.. قصة فصولها مستمرة!    دراسة تتوصل إلى سبب المشي أثناء النوم    ثروة حيوانية    تحذير من أدوية إنقاص الوزن    رفاهية الاختيار    حرس الحدود بجازان يدشن حملة ومعرض السلامة البحرية    ضرورة إصدار تصاريح لوسيطات الزواج    5 مشاريع مياه تدخل حيز التشغيل لخدمة صبيا و44 قرية تابعة لها    اختتام دورات جمعية الإعاقة السمعية في جازان لهذا العام بالمكياج    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    حلاوةُ ولاةِ الأمر    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التوبة في زمن الثورة

انتقل الحديث في أروقة صنع القرار العالمي وفي الاجتماعات التي يجريها بعض المعارضين السوريين مع مسؤولين دوليين إلى تحديد ملامح الحل السياسي للأزمة السورية والمرحلة الانتقالية. ويدور النقاش، وإن همساً، حول الشخصية التي ستقود المرحلة المقبلة التي ستتجلى في حكومة مشتركة اقترحها كوفي أنان في جنيف وربما ناقشها في دمشق وبعدها في طهران وسيتفاوض عليها مع المعارضة المسلحة، كما صرح بذلك في أحاديثه الصحافية، في وقت يعاني اللاجئون السوريون خارج الحدود من قمع الأسلاك الشائكة ونهم الحنين إلى تراب المسكن وهواء الوطن القريب البعيد، وحين يشتكي النازحون في الداخل من عوز الحال وألم فراق الأحبة وصعوبة العيش في ديار تنام وتصحو على أصوات الرصاص والمدافع وهدير الطائرات، يغوص الخارجون في تفاصيل من سيأتي في المستقبل ومن سيقود المرحلة الانتقالية تاركين آلة القتل والتعذيب تعمل في السوريين ما لا يمكن الشفاء منه لسنوات وعقود مقبلة.
كأن الشعب السوري قد انتفض من أجل أن يستبدل ديكتاتوراً وحيداً مع بعض الأعوان بشخصية تسلطية أخرى ربما تكون أقل إجراماً لكنها حتماً على المستوى نفسه من الفساد والمشاركة في تدمير مستقبل أجيال الوطن.
إن أكثر ما يؤلم الثائرين حقاً، وما يصنع غصة حزينة في قلوب عموم السوريين أن يجعل بعض المعارضين من أنفسهم أوصياء على القرار الشعبي وأدعياء باسم غالبية أبناء الوطن وكأن الشعب قاصر لا يفقه شيئاً، كأن من حمل السلاح دفاعاً عن عرضه وكرامته، ومن دخل السجون وذاق مرارة التعذيب دفاعاً عن مبادئه في ضرورة العيش بعزة وعدالة، وكذلك هؤلاء الذين لا يزالون يهتفون للحرية متلقين بصدورهم العارية رصاصات الغدر والهمجية، كأن كل هؤلاء مرضى، وغير مكتملي النمو يعانون من المنغوليا السياسية والثقافية، وغير قادرين على معرفة الطريق التي سلكوها منذ البداية للوصول إلى وطن يتسم بالمساواة والعدالة الاجتماعية، لا مكان فيه للفاسدين والقاتلين على حد سواء، فالفساد والقتل وجهان لعملة واحدة، حيث أن نهب المال العام، والمشاركة في إفساد المجتمع، وإنشاء إمبراطوريات مالية، هي فعل مواز لفعل القتل إن لم نقل أكثر إيلاماً وتجريحاً في نفسية الأمة، كما أن استغلال السلطة والمنصب ونهب ثروات الوطن وغسل الأموال المنهوبة بطرق متعددة، والظهور بمظهر الحمل الوديع الذي لم يرض عن أفعال المجرمين الأصليين، هي جريمة كبرى بحق الأجيال المقبلة، ومن يطلب التوبة يحتاج إلى الوقوف أمام محكمة الشعب بعد رد المال المسروق، وطلب الصفح من كل أبناء الوطن، من صغيرهم إلى كبيرهم، وحينها يقرر الشعب صاحب الإرادة الحرة، مصير هؤلاء التائبين إن كانوا تائبين حقاً.
جريمة الطغاة لم تبدأ مع بدء الثورة بل هي جريمة قديمة، بدأت مع اعتلاء هؤلاء سدة الحكم بمباركة قوى خارجية وداخلية ودعمها القوي، هذه القوى التي تتباكى اليوم على الفظائع المرتكبة بحق أطفال ونساء وشيوخ سورية من دون أن تقوم بأي عمل جاد يوقف هذه الجرائم. إن جريمة الطاغية نجمت عن أفعال غير شريفة متراكمة بحق الوطن، شاملة استغلال الكرسي لمصالح وهدر ثروات البلاد وتفكيك بنيان المجتمع وكتم الحريات العامة واستعمال العنف ضد المعارضين والقتل المباشر للمخالفين في الرأي، والجرائم الأخيرة من مذابح ومجازر جماعية ترقى إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية، هذه الأفعال المتراكمة سببت وهناً في نفسية الأمة وإضعافاً للشعور الوطني والثقة الشعبية بمؤسسات البلد، إضافة إلى نشر المحسوبية واستغلال المناصب وتفشي الرشوة والفساد في كل مفاصل السلطة، وفقدان الأمل في النفوس بغد جميل مشرق.
الجريمة بحسب المفهوم الاجتماعي هي كل فعل يتعارض مع ما هو نافع للمجتمع وما هو عدل في نظرها أي ما يتنافى مع مصلحة الوطن وتحقيق العدالة فيه، وهي انتهاك وخرق للقواعد والمعايير الأخلاقية للمجتمع، والجريمة لا تقتصر على المجرم الذي قام بفعل الإجرام فقط بل تشمل كل من أمر بارتكاب الفعل أو حرض عليه، كما تشمل كل من ساعد أو أعان الفاعل أو الفاعلين في الأعمال التحريضية أو المسهلة لارتكاب الجريمة.
إن غسل الأموال الناتج عن نهب مال الشعب أو الرشوة أو حتى الإضرار بالمصلحة العامة، هي جريمة في حق الأمة تتشارك مع جريمة القتل والقمع ومصادرة الحريات، والشعب السوري ثار منذ البداية رافعاً شعار يكفي فساداً، يكفي نهباً لثروات البلاد، ولا يمكن لمن يحسبون أنفسهم أوصياء على الشعب ومستقبله، أن يغفروا لمن يشاؤون، ليصنعوا من جديد دولة مركزية تسلطية يقودها مجرمون يصفون أنفسهم بالتائبين الأتقياء، وهم الذين لم يكونوا ليتركوا سفينة الذهب التي ركبوها لعقود، لولا يقينهم إن هذه السفينة على وشك الانهيار والغرق في قاع المحيط الكبير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.