اعتبر «الجيش السوري الحر» في الداخل أمس ان فكرة تشكيل حكومة انتقالية من فصيل معارض «ولدت ميتة»، مؤكداً ان «مجلس الأمناء الثوري السوري» الذي اعلن في القاهرة وكلف هيثم المالح تشكيل مثل هذه الحكومة «لم يجر اي اتصال مع الجيش الحر». وقال الناطق باسم القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل العقيد قاسم سعد الدين لفرانس برس، إن فكرة «تشكيل حكومة انتقالية ولدت ميتة، كونها صدرت عن فصيل واحد لا يمثل اطياف المعارضة ولا يلبي مطالب الشعب». وأضاف: «لم يتم التشاور معنا في هذا الموضوع»، معتبراً ان تفرد «مجموعة محددة في تكليف شخص معين بتشكيل حكومة هو تصرف غير مسؤول». وقال قاسم إن اي حكومة انتقالية «يجب ان تضم اطراف المعارضة الداخلية والخارجية والمجلس الوطني والحراك الثوري وكل المجموعات على الارض»، مؤكداً ان «اي حكومة لن تبصر النور اذا لم تلب مطالب الثورة». واعتبر الناطق باسم الجيش الحر في الداخل الذي عرض قبل ايام مشروعه لمرحلة انتقالية بعد سقوط نظام الرئيس السوري بشار الاسد، ان «القرار هو للشعب السوري الثائر في مسألة تشكيل اي حكومة، ويتطلب ذلك اجماعاً بين القوى الوطنية»، مضيفاً ان «اي تهميش للداخل يفشل كل مشاريع الحكومات». وكان الجيش الحر في الداخل عرض الاثنين «مشروع انقاذ وطني» للمرحلة الانتقالية ينص على انشاء مجلس اعلى للدفاع يتولى تأسيس مجلس رئاسي من ست شخصيات عسكرية وسياسية يدير المرحلة الانتقالية في سورية. وأكدت وثيقة المشروع وجوب مشاركة المجلس الوطني السوري وكل القوى السياسية والشخصيات الوطنية والهيئة العامة للثورة والتنسيقيات والحراك الثوري والجيش السوري الحر «في صنع المؤسسات الجديدة». ورداً على سؤال حول ما اذا كان الجيش الحر على تشاور مع المجلس الوطني حول تشكيل الحكومة الانتقالية، قال قاسم سعد الدين: «اننا نتشاور منذ اسابيع مع كل السياسيين، ونحن على مسافة واحدة من كل المعارضة»، مشدداً على ان الهدف من مشروع الجيش الحر للمرحلة الانتقالية «يهدف الى وضع حد للتشرذم داخل المعارضة». وأضاف: «لا انتماءات حزبية لنا ولا اجندات سياسية. بعد سقوط النظام وتشكيل حكومة وبرلمان، سنعود الى ثكناتنا». كما هاجم قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد خطوة السعي لتشكيل حكومة انتقالية ووصف زعماءه بأنهم انتهازيون يسعون لتقسيم المعارضة والاستفادة من المكاسب التي حققها مقاتلوها. وقال الاسعد في تسجيل مصور بثته قناة العربية إن السياسيين الذين شكلوا الائتلاف الجديد «أصابهم حمى التسلق على الفرص وإغتنام المناصب الذي دعاهم ان يعلنوا انشاء وتأسيس حكومة انتقالية في محاولة صريحة وواضحة لركوب ثورتنا والاتجار بدماء شهدائنا». واضاف قائلاً «لكنهم في الواقع يحاولون اعادة احياء نظام الاسد الساقط في إتخاذ قرار من دون الرجوع الى الشعب الذي بذل الدم والدموع لكي يحصل على استقلاله». وقال الاسعد ان الاعلان عن خطط لتشكيل حكومة انتقالية يهدف بشكل رئيسي إلي «إرضاء الخارج وضرب الداخل بعضهم ببعض وتفكيك يد الشعب الضاربة والمتمثلة في الجيش السوري الحر». وتحض دول غربية وعربية منذ اشهر المعارضة السورية على الوحدة. وفي حين ان المجلس الوطني السوري هو صوت دولي للمعارضة إلا ان نشطاء على الارض يشتكون من ان قياداته الذين يعيشون في المنفى ليست لهم صلة تذكر بما يحدث في سورية. ورداً على تشكيل الائتلاف الجديد قال عبدالباسط سيدا رئيس المجلس الوطني السوري ل «رويترز» إن عملية تشكيل حكومة انتقالية «عملية صعبة وتحتاج إلى مشاورات مع جميع أعضاء المعارضة السورية ومقاتلي المعارضة والجيش السوري الحر». واضاف قائلاً: «لكن إذا خرجت كل جماعة لتعلن منفردة تشكيل حكومة جديدة من دون محادثات وبحث فإن هذا يعني أن ننتهي إلى سلسلة من الحكومات الضعيفة التي لا تمثل أحدا ولن تكون قادرة على أن تعني أي شيء أو أن تفعل أي شيء. هدفنا النهائي هو تشكيل حكومة تمثل وترضي جميع أعضاء المجتمع السوري». وأعلنت في القاهرة اول من امس ولادة ائتلاف جديد للمعارضة السورية يحمل اسم مجلس الأمناء الثوري السوري يضم معارضين غير حزبيين. وكلف الائتلاف بعد اجتماعه التأسيسي المعارض هيثم المالح تشكيل حكومة سورية انتقالية. وكان المالح استقال من المجلس الوطني السوري المعارض في 13 آذار (مارس) الماضي منتقداً اداء المجلس. في موازاة ذلك، دعا عضو المجلس الوطني السوري سمير سطوف إلى أخذ خطوة تشكيل حكومة سورية موقتة في الاعتبار ووصفها بأنها «خطوة حقيقية» يمكن أن تقف أمام مشاريع تحاول قوى غربية تسويقها مثلما يحاول الفرنسيون مع بعض أطراف المعارضة تسويق العقيد مناف طلاس الذي انشق عن النظام أخيراً. وقال سطوف ل «الحياة» إن الخطوة تضع ملف تشكيل الحكومة الموقتة على النار، وإن كل الأطراف باتت معنية بالحوار الجدي بعيداً من الإقصاء. وأشار إلى أن كل القوى في العالم طرحت موضوعاتها في الشأن السوري بينما لا يوجد حتى الآن مشروع سوري محض، مؤكداً أن «خطوة كهذه يمكن أن تكون لبنة في جدار الثورة السورية لكنها بالتأكيد غير كافية». وقال سطوف الذي شارك في مشاورات إطلاق الحكومة الانتقالية في القاهرة إن المشروع يدرس منذ نحو شهرين مع تغيير في التفاصيل «ولكنه كان يطبخ على نار هادئة». وأعرب عن اعتقاده بأنه لن يتسبب في انقسام المعارضة؛ لأنه ليس مشروعاً سياسياً جديداً إنما هو مشروع إجرائي لتشكيل حكومة انتقالية. وأكد أنه آن الأوان لكي ننجز ملف الحكومة الانتقالية، وذلك خشية حدوث فراغ سياسي عقب سقوط نظام بشار الأسد «إلا إذا كان هناك مشروع غربي لاعتماد طلاس بينما أي مشروع خاص بطلاس مرفوض من أغلب القوى السورية». وقال إن المعارضة السورية وضعت نفسها في موقف ضعف «ونحن لسنا في ثورة تسول مواقف ونحن نتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية، وكان من الضروري أن نكون مؤهلين لممارسة الضغط على الموقف الدولي وألا نبقى في حال متلقين لمشاريع دولية». وأشار الى ان ليس هناك حتى الآن باستثناء مشروع الحكومة الانتقالية أي مشروع سوري مطروح، مؤكداً أن هذا المشروع على رغم ذلك «ليس قدراً ولكنه يطلق الحوار». وعن الخطوة المقبلة، قال سطوف: «إن مشاورات وتفاعلات وحواراً سيجرى من أجل الاتفاق بحدود ما على حكومة انتقالية يمكن أن تنال رضا الشعب في الداخل، وبالتالي يكون موقف السوريين في الخارج أقوى». وحذر من أن القوى الدولية «لن تمل من محاولة تسويق مشاريعها»، متمنياً ألا يخلق المجلس الوطني السوري في تعاطيه مع المشروع حالة صراع جديد في جدار المعارضة السورية.