لم يفتر اهتمام الرئيس الأميركي بصوغ حل للنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، على رغم تصدر ملف إيران الاهتمامات الأميركية. وحشد باراك اوباما نخبة المسؤولين الاميركيين، ومنهم وزير الدفاع، روبرت غيتس، والمبعوث الى الشرق الاوسط، جورج ميتشل، ومستشار الأمن القومي، جيس جونز، ومستشار الرئيس لشؤون الشرق الأوسط، دنيس روس، وكلفهم مفاوضة الأطراف والبحث في سبل الحل. فهو يدرك أهمية أن يشرف مسؤول أميركي رفيع على المفاوضات مع كل طرف على حدة. وربما لم يكن اختيار أوباما قضية تجميد الاستيطان الاسرائيلي مدخلاً الى المواجهة مع الإسرائيليين، وحملهم على بدء مفاوضات حل النزاع، موفقاً. فنتانياهو، رئيس الوزراء الاسرائيلي، رفض وقف الاستيطان في القدسالشرقية. ولكن اسرائيل ليست مشكلة أوباما الوحيدة. فجعبة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، خالية من حوافز يقدمها لإسرائيل لقاء الحل، في وقت انخفض فيه العنف الفلسطيني، وتحسن أداء قوى الامن الفلسطينية بالضفة الغربية. وعليه، برز الاهتمام بمبادرة السلام العربية، واقتراحها اعتراف الدول العربية بإسرائيل نظر انسحابها الى حدود 1967. ويسعى نتانياهو الى التطبيع مع الدول العربية. ولكن أبرز الدول الخليجية لم تستجب دعوات نتانياهو، ولا ترغب في التفريط بهذا الحافز، في وقت لا يلوح الحل النهائي في الافق، ولم تجمد الاستيطان. وموقف الدولة هذه سائغ، ولكنه لا ييسر مهمة الرئيس أوباما. والموقف الاميركي من مشكلة الانقسام الفلسطيني غامض. ففي القاهرة، أعلن أوباما أن قسماً من الفلسطينيين يؤيدون «حماس». ولكنه أبقى على شروط التفاوض مع «حماس» التي فرضتها ادارة سلفه والمجتمع الدولي. ولم يدعُ أوباما مصر الى وقف جهود المصالحة بين «فتح» و «حماس». ويبدو أن الفصيلين لن يذللا الخلاف بينهما. وأغلب الظن أن يحتفظ كل منهما بمملكته المستقلة في غزة والضفة الغربية. ولا يبدو أن محمود عباس مستعجل إبرام اتفاق سلام. وتظن الظنون الاميركية في قدرة عباس على إرساء السلام، في حال أُبرم اتفاق ينهي النزاع. ولم تثن المشكلات هذه الرئيس أوباما عن مواصلة المساعي الديبلوماسية. ويستوقف المراقبين إعلان الإدارة الاميركية أن إبرام اتفاق سلام فلسطيني – اسرائيلي هو مصلحة أميركية، وليس مصلحة فلسطينية وإسرائيلية فحسب. وتعول الادارة الاميركية على تغير موقف نتانياهو من السلام لدواع غير أيديولوجية. فهو قد يرغب في أن يدخل التاريخ من باب التسوية مع الفلسطينيين، عوض تعميق هوة الخلاف مع الاميركيين. ويبدو أن ايهود باراك، وزير الدفاع الاسرائيلي الذي يقوم بمهمات وزير خارجية الى الوزير أفيغدور ليبرمان، بدأ يميل الى مبادرة أوباما للسلام الاقليمي. فهو يرى أهمية التحالف مع الدول العربية في مواجهة الخطر الايراني. وقد يضطر أوباما الى التوجه مباشرة الى الرأي العام الاسرائيلي، على نحو ما توجه الى العرب في خطاب القاهرة، على رغم ميل الرأي العام الإسرائيلي الى تأييد الأحزاب اليمينية. واحتمال فشل جهود السلام الاميركية يقوض صدقية الرئيس اوباما الدولية. * مراسل، «اندنبندنت» البريطانية، 24/8/2009، إعداد منال نحاس