تبادلت ادارة مؤسسة «كهرباء لبنان» والمياومون المعتصمون امس، الاتهامات في شأن احتمال التراجع الحاد في تزويد اللبنانيين التيار الكهربائي، على خلفية مواصلة المياومين وعمال غب الطلب وجباة الإكراء إغلاقَهم أبواب المبنى المركزي للمؤسسة في محلة كورنيش النهر مقابل إعطائهم مستحقاتهم، من دون ان تلوح في الافق ايُّ حلول للمشكلة العالقة منذ 3 اشهر. وفي الوقت نفسه، أقدم المياومون والعمال وجباة الإكراء في مصلحة الكهرباء في النبطية، على اقفال أبواب المؤسسة الرئيسية والخارجية بالسلاسل الحديدية، مانعين الموظفين والمواطنين من الدخول، ثم نزلوا الى الشارع العام وأحرقوا إطارات، ما أدى قطع الطريق لبعض الوقت، وحضرت دورية من قوى الامن الداخلي. ثم توجه المعتصمون الى مركز الصيانة في المؤسسة ومنعوا سيارات الصيانة من الخروج، من خلال اشعال الاطارات. وتسبب انقطاع التيار الكهربائي بانقطاع المياه في بعض مناطق بيروت، وعزت «مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان» السببَ الى عطل على الكابل الكهربائي الأساسي الذي يغذي محطة الأشرفية، وأسفت ل «عدم تأمين المياه الى حين تمكن فرق الصيانة في مؤسسة الكهرباء من تصليح العطل». موقف الإدارة وعلى وقع التصعيد العمالي، عقد المدير العام رئيس مجلس الادارة في «مؤسسة كهرباء لبنان» كمال حايك، مؤتمراً صحافياً شرح فيه الاسباب التي أدت الى الانتقال الى معمل الزوق الحراري، معتبراً ان ما حصل اول من أمس «سابقة خطرة في مؤسسة كهرباء لبنان وفي الإدارة اللبنانية في حد ذاتها»، وزاد: «اضطررنا لإخلاء المبنى المركزي للمؤسسة بسبب عدم التمكن من الدخول اليه». ورأى ان «هذا لم يحصل في الحرب الأهلية ولا في الاجتياح الإسرائيلي ولا في عدوان تموز 2006». وعرض حايك مراحل اعتصام المياومين في المؤسسة، قائلاً: «عندما كان الاعتصام سلمياً غضضنا النظر عنه، ولكن عندما تخطى حدوده السلمية، أصبح الوضع يختلف كلياً، الاعتصام السلمي الحضاري لا يقفل المؤسسة بالجنازير ولا يحتجز حريات الموظفين ولا يمنع الموارد المالية عن المؤسسة». ولفت الى ان «هذا الموضوع ليس وليد البارحة، عمره 22 شهراً، وكنا السباقين لطرح حلول لموضوع تثبيت عمال غب الطلب، واليوم أصبح في المجلس النيابي وليس في مؤسسة الكهرباء، والضغط لا يضر القوى السياسية فقط، انما يضر المواطن في الدرجة الاولى، ويضر بالمؤسسة تحديداً، لأن من يدخل الى المؤسسة نتمنى ان يحافظ عليها». وتوقف عند المطالب التي يرفعها المعتصمون، وهي «عدم جباية الفواتير، دفع الأجور وإنزال الجداول»، موضحاً ان «إخراج الفواتير من المؤسسة جرى من قوى الامن الداخلي بالطريقة الفضلى ووفق التوقيت المحدد من قبلها، بناء لقرارات صادرة عن ديوان المحاسبة لتحصيل الفواتير، وتم الأمر وفقاً للأصول والأنظمة المرعية الإجراء». وأكد أنه «اذا استمر الاعتصام 3 سنوات او 3 أشهر او ثلاثة ايام، فإن دفع الاجور غير ممكن قانوناً، لان العقود انتهت مع متعهدي غب الطلب». وشرح حايك طريقة العمل التي تحصل في مركز التحكم، وقال: «نعمل بصورة بدائية، وهناك خطر مشكلة تقنية بشكل مرتفع، وسنبذل جهداً لنحافظ على الاستقرار الكهربائي، على رغم الخطورة التي نعمل فيها في مركز التحكم». وناشد المسؤولين «إبعاد مؤسسة كهرباء لبنان عن التجاذبات السياسية»، وتوجه الى العمال بالقول: «وقفنا معكم، ونحن اليوم مهجرون في معمل الزوق، نأمل ان يكون ما حصل مرحلة عابرة». ولوح حايك ب «احتمال أخذ قرار بإخلاء كهرباء لبنان من موظفيها بعد 48 ساعة»، ودعا القوى الامنية «الى الانتباه الى كل موجودات المؤسسة، من فواتير تصل إلى بلايين الليرات ومستندات». رد المياومين ورداً على المواقف التي اطلقها حايك، عقدت لجنة المتابعة للمياومين مؤتمراً صحافياً، نفى خلاله عضو اللجنة احمد شعيب ان يكون المياومون «تسببوا بإقفال غرفة التحكم المعنية بصيانة الأعطال»، وقال إن الغرفة موجودة في الطابق التاسع ولسنا نحن من اقفلها، بل المدير العام، فضلاً عن ان هناك غرفة تحكم أخرى في منطقة حرج بيروت اقفلها المدير العام بقرار منه، ومنها يمكن تصليح الاعطال التي حصلت. وعلى كل حال، تم تصليح أحد الأعطال، لكن هناك من أعطى الأمر بقطع الكهرباء عن بعض المناطق، لاتهامنا نحن بذلك». ودعا شعيب الى إرسال الموظفين المعنيين الى غرفة التحكم ليتابعوا عملهم، «ولن يتعرض لهم احد». وأكد شعيب مواصلة التحرك الذي شدد على «سلميته وحضاريته منذ اللحظة الاولى التي بدأ فيها، وذلك حتى تحقيق المطالب كلياً، عبر إقرار مشروع قانون التثبيت في ملاك المؤسسة»، وناشد الرأي العام والنقابات «الوقوف الى جانبنا»، كما ناشد الموظفين في المؤسسة «الصبر قليلاً لإنهاء هذه الأزمة». وأكد أن المحتجين هم «الطرف الأضعف في هذه المعادلة، فكيف نقطع عن المواطنين التيار الكهربائي، خصوصاً ان وزير الطاقة سبق وبشّر بأزمة الكهرباء قبل سنة ونصف السنة، وهل هو يريد اليوم تنفيذ خطته المفبركة وإقحامنا بها؟ كونوا يقظين، ولو ان المؤسسة طبقت القوانين لكنا مثبتين». وتناوب عدد من اعضاء لجنة المتابعة على شرح هذه النقطة، فأشاروا الى ان «مؤسسة الضمان الاجتماعي سبق أن أنذرت إدارة المؤسسة بضرورة دفع بدل اشتراكات العمال وبينهم المياومون في العامين 2001 و2011، ولكنها تخلفت عن الأمر، وشغلونا لمدة 20 سنة من دون ضمان، فهل هذا الامر يحصل في المؤسسات العاملة في لبنان؟ هو برسم الأجهزة القضائية». وأكد اعضاء اللجنة مواصلة التحرك «مهما كلفنا من جهد، فالعمال المياومون كانوا يخضعون للمذكرات الادارية ووفق عقود، واذا كانوا يريدون نقلنا ك «دوكما» من المؤسسة الى شركات التشغيل الخاصة، فلماذا لا يثبتوننا ك «دوكما» في المؤسسة، علماً انهم سيدفعون الى الشركات الخاصة 900 مليون دولار عن 4 سنوات، ويقولون إن لا مال لديهم لتثبيتنا في المؤسسة وكلفته 25 مليون دولار». ورداً على تهمة تسييس التحرك، اكد شعيب «ان الطرف الآخر هو من سيَّس القضية، وتحديداً الوزير والمدير العام، وكنا نتمنى ان تبقى القضية عمالية مطلبية، لكن يبدو ان العامل لا يستطيع ان يأخذ حقه الا بالتسييس، وهناك من اخذ بيدنا. من يؤازرنا لأخذ حقوقنا نحن معه، وليتحملوا عواقب التسييس». الاتحاد العمالي وكان حضر إلى مبنى المؤسسة صباحاً رئيس «الاتحاد العمالي العام» غسان غصن واجتمع الى المعتصمين في الباحة الخارجية للمؤسسة، وأكد بعد اجتماع أن «الاتحاد لن يغيب أبداً عن قضيتكم المحقة، ونحن مستمرون في واجبنا ولن نزايد ونرفع شعارات بل نسعى لحل المشاكل واعطاء حقوق العمال. وأردنا أن يكون هذا الملف في يد العمال بعيداً من الاشتباك السياسي». وخاطب المياومين بالقول: «نريد ان نردع اي عمل تخريبي، لأن هناك دساً كثيراً، أُقر مشروع القانون (التثبيت) في المجلس النيابي ضمن الشروط الوظيفية لملء الشواغر، ونخاف على استهداف مؤسسة كهرباء لبنان، لان هناك مشروعاً لإسقاط مؤسسات الدولة والذهاب الى الخصخصة. يريدون ان يسلموا هذه المؤسسة للشركات»، مشيراً إلى «وجود صفقات». ولفت إلى أنه «بالنسبة إلى الاتصالات، فهي جارية ولا جديد حتى الآن».