في خطوات تشير إلى معركة «طويلة الأمد» بين قوات الجيش السوري ومقاتلي المعارضة، استقدمت القوات النظامية السورية و»الجيش السوري الحر» مزيداً من التعزيزات إلى حلب، بحسب ما أعلن مصدر امني سوري وناشطون أمس، في وقت نفذ المقاتلون المعارضون هجمات على مواقع أمنية وإدارية وتمكنوا من السيطرة على مركزين للشرطة وقتل نحو أربعين عنصراً من قوات الشرطة السورية، بينهم ضابط برتبة عميد، وخطف ضابط برتبة مقدم. كما سجلت اشتباكات قرب فرع المخابرات الجوية وفرع حزب البعث العربي الاشتراكي» في حلب. وفي تطور لافت قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «مسلحين من آل بري موالين للنظام» شاركوا في القتال إلى جانب القوات النظامية. واعتبر المرصد أن «دخول مسلحين من العشائر العربية مثل آل بري على خط القتال إلى جانب النظام يعني أن النظام يريد أن يوصل البلاد إلى حرب أهلية»، موضحاً أن «مسلحين من عشائر عربية أخرى شاركت أيضاً في المعارك إلى جانب القوات النظامية» أول من امس. وعن الأوضاع الميدانية في حلب، قصفت طائرات هليكوبتر ومدفعية سورية منطقتين مهمتين في حلب في توسيع لحملة الجيش للسيطرة على أكبر مدينة في البلاد لكن مقاتلي المعارضة قالوا إنهم أجبروا القوات النظامية على التراجع. وسمع دوي إطلاق نار كثيف في حي صلاح الدين بجنوب غربي المدينة حيث نفى المعارضون أن الجيش أخرجهم من هناك. وأطلقت طائرات الهليكوبتر الهجومية نيرانها على الأحياء الشرقية للمرة الأولى منذ نشوب أحدث قتال في حلب. وقال الجيش السوري قبل يومين إنه استعاد السيطرة على حي صلاح الدين، لكن التلفزيون الرسمي السوري قال امس إن القوات الحكومية تلاحق حالياً فلول مجموعة من «الإرهابيين» هناك في إشارة إلى أن الجيش لم يسترد السيطرة الكاملة بعد على المنطقة. وقال قائد للمعارضين في حلب إن هدف مقاتليه هو «التقدم نحو وسط المدينة والسيطرة على منطقة تلو الأخرى» وهو هدف قال إنه يعتقد أن من الممكن تحقيقه «في غضون أيام وليس أسابيع». ويسيطر المعارضون على مساحة تغطي أحياء شرق وجنوب غربي المدينة. وقال العقيد عبد الجبار العقيدي رئيس المجلس العسكري المشترك وهو من المجموعات المقاتلة في حلب إن النظام حاول لثلاثة أيام استعادة صلاح الدين، لكن محاولاته فشلت وتكبد خسائر ثقيلة في الأرواح والأسلحة والدبابات واضطر إلى الانسحاب. وقال العقيدي لرويترز إن أكثر من ثلاثة آلاف مقاتل من المعارضة موجودون في حلب، لكنه لم يستطع تحديد العدد على وجه الدقة. وأفاد مصدر أمني في دمشق لفرانس برس بأن قوات الحكومة والمعارضة تقومان بحشد المزيد من «التعزيزات من اجل معركة حاسمة في حلب قد تستمر أسابيع عدة». وقال إن «الجيش النظامي يحاصر الأحياء التي يسيطر عليها الإرهابيون ويقوم بقصفها، لكنه لا يستعجل شن هجوم على كل منها» لاسترجاعه، موضحاً أن المقاتلين المعارضين يستقدمون تعزيزات من تركيا إلى حلب بعد أن تمكنوا من السيطرة على حاجز عسكري استراتيجي في عندان التي تبعد نحو خمسة كيلومترات شمال غربي المدينة أول من امس. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لفرنس برس أن أهمية حاجز عندان الذي سيطر عليه الجيش الحر تكمن في انه «الحاجز الأكبر على الطريق الرئيسي بين مدينة حلب ومدينة أعزاز في الريف الشمالي وصولاً إلى الحدود التركية» حيث معاقل المقاتلين المناهضين للنظام. ولفت إلى انه «خلال الساعات المقبلة سيتبين مدى تأثير سيطرة الثوار على هذا الحاجز من خلال كمية الإمدادات التي ستصل إلى حلب». وتمكن المقاتلون المعارضون من السيطرة امس على قسمين للشرطة في حلب بعد ساعات من المعارك، بحسب المرصد السوري. وقال المرصد «هاجم مئات الثوار مخفرين للشرطة في حي الصالحين (في جنوبالمدينة) وباب النيرب (جنوب شرق)، فقتل أربعون عنصراً من الشرطة على الأقل في معارك استمرت ساعات وانتهت بسيطرة المقاتلين على القسمين». وبين القتلى رئيس قسم حي الصالحين، وهو القسم الأكبر، وقد تم فيه تدمير ثلاث آليات. وكان بيان سابق للمرصد أفاد عن اشتباكات في حي الزهراء (في غرب المدينة) قرب فرع المخابرات الجوية وعن هجمات للمقاتلين المعارضين على مقر المحكمة العسكرية وفرع حزب البعث العربي الاشتراكي. كما تستمر الاشتباكات في أطراف حي صلاح الدين (جنوب غرب). وفي تطور لافت، شهد حي باب النيرب صباحاً اشتباكات عنيفة بين المقاتلين المعارضين و»مسلحين من آل بري موالين للنظام»، بحسب للمرصد. واعتبر المرصد أن «دخول مسلحين من العشائر العربية مثل آل بري على خط القتال إلى جانب النظام يعني أن النظام يريد أن يوصل البلاد إلى حرب أهلية». وأوضح أنها «المرة الأولى التي تكلف هذه العشائر التي لا تتقاضى أجوراً من الدولة، رسمياً بالقتال». ويعود ولاء عدد من العشائر السنية في حلب للنظام إلى الثمانينات عندما قاتلت إلى جانب النظام في حملة قمع انتفاضة الإخوان المسلمين في حينه. وتمت مكافأتهم مالياً وعبر إسناد مراكز إدارية لكثيرين منهم. وبحسب شهود، فهناك غياب شبه تام لقوات حفظ الأمن، لا سيما الشرطة، في شوارع حلب، وذلك منذ بدء العملية العسكرية للجيش في 20 تموز (يوليو). وقال صحافي من فرانس برس موجود قرب حلب إن حدة القصف انحسرت في المدينة، ولم تسمع أصوات انفجارات قوية كما الأيام الماضية. فيما أفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن رداً على سؤال فرانس برس حول انخفاض أعداد الضحايا في حلب تحديداً على الرغم من اشتداد الاشتباكات والقصف بأنه «في أوقات الحرب نحتاج إلى المزيد من الوقت للتحقق من حصيلة القتلى». وأضاف «نتلقى الكثير من المعلومات من حلب لكننا نقوم بتدقيق البيانات التي بحوزتنا اكثر من مرة قبل الإعلان عنها ونشرها». وفي ريف حلب، أفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) بأن «الجهات المختصة» اشتبكت مع «مجموعات إرهابية مسلحة تستقل سيارات دفع رباعي مجهزة برشاشات دوشكا كانت تعتدي على المواطنين وتقوم بأعمال قتل وتخريب وقطع للطرق في دارة عزة وقبتان الجبل». وأوضحت أن الاشتباك اسفر عن «تدمير تسع سيارات ومقتل من فيها من الإرهابيين». وذكرت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من السلطات أن القوات السورية واصلت «عملياتها في العديد من أحياء مدينة حلب مدعومة بالمروحيات التي تقوم بجولات استطلاعية فوق المناطق التي يتمركز فيها مسلحون ينضوي تحت صفوفهم مقاتلون من جنسيات عربية وأجنبية ممولة من الخارج وتتلقى تعليماتها من غرفة عمليات في تركيا». وإلى جانب المعارك في حلب، سجل وقوع اشتباكات وعمليات قصف في مناطق أخرى من سورية، لاسيما في مدينة درعا (جنوب) وبعض قرى المحافظة، ومدينة دير الزور (شرق) وبعض قرى المحافظة، وحمص حيث أفيد عن تجدد القصف على مدينة الرستن في الريف والأحياء القديمة في مدينة حمص التي تحاول قوات النظام منذ اشهر اقتحامها. وكانت اشتباكات وقعت بعد منتصف الليل في أحياء التضامن والقزاز ومخيم اليرموك في دمشق بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين. وأفاد المرصد عن مقتل «ستة من عناصر اللجان الشعبية الموالين للنظام في منطقة جرمانا في ريف دمشق خلال قيامهم بنصب حواجز، في هجوم عليهم فجراً نفذه مسلحون مجهولون». في موازاة ذلك، أفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) بأن 133 شخصاً تورطوا بأحداث في محافظات دمشق وحمص وإدلب لم تتلطخ أيديهم بالدماء سلموا أنفسهم للجهات المختصة. وأوضحت الوكالة أنه تمت تسوية أوضاع هؤلاء بعد تعهدهم بعدم العودة إلى حمل السلاح أو ما يمس أمن سورية. ودعت منظمة «أطباء العالم» الفرنسية غير الحكومية أطراف النزاع إلى احترام قواعد القانون الدولي خلال فترة الحرب، مشيرة في بيان إلى أن «تصاعد أعمال العنف في سورية يؤثر على المدنيين ويستهدف الجرحى والعاملين في القطاع الطبي والمراكز الطبية». وذكرت انه «في أوقات الحرب هناك قواعد يمليها القانون الدولي يجب على كل أطراف النزاع احترامها». وحصدت أعمال العنف أول من امس60 قتيلاً هم 19 مدنياً و22 من القوات النظامية، بالإضافة إلى 18 من المقاتلين المعارضين وجندي منشق.