على رغم أن المسافة التي يقطعها المسافر إلى مكةالمكرمة من منطقة القصيم تبلغ 1700 كم في متوسطها ذهاباً وإياباً، تزيد وتنقص، وذلك تبعاً لمواضع بعض المراكز والمدن في أرجاء المنطقة، والتي تقل كلما تم الاتجاه غرباً وتزيد عند الاتجاه شرقاً أو شمالاً، ومعلوم أن قطع مسافة طويلة مثل هذه عبر الطرق البرية تحتاج إلى ساعات طويلة من القيادة أيضاً، يجب أن يحظى البدن بعدها بقسط من الراحة، وكذلك الحال بالنسبة إلى المركبة، إلا أن مواطنين كثر من منطقة القصيم يحرصون كغيرهم من سائر المسلمين على أداء عمرتهم في شهر رمضان طمعاً في الثواب من عند الله وطمعاً في أجر حج كما نقل في «الصحيحين» من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم سنان الأنصارية حين لم يكتب لها الحج معه «فعمرة في رمضان تقضي حجة، أو حجة معي» وفي رواية عند أحمد والترمذي، «عمرة في رمضان تعدل حجة». وإلى ما سبق يبدو الأمر في سياقه الطبيعي إلا أن راغبي العمرة هؤلاء يؤدونها في ظرف 24 ساعة فقط، ويخاطرون بأنفسهم ويتعرضون لإرهاق بدني، خصوصاً أثناء العودة بعد أداء العمرة التي تتطلب جهداً بدنياً يتجاوز الساعتين ويحتاج الجسم إلى الراحة بعده، مما قد يعرضهم لمخاطر السلامة المرورية. ويرى هنا المواطن متعب الرشيد أن ظروف عمله الحكومي لا تسمح له بالبقاء في مكة بعد أداء العمرة أياماً يرتاح خلالها ويتعبد الله على سعة من أمره في هذا الشهر الكريم، فإنه اضطر إلى مغادرة القصيم الساعة الثالثة عصراً وتمكن من أداء عمرته بعد منتصف الليل، وانتهى منه قبيل السحر ليغادر مكة عائداً إلى بلده الذي وصله قبل أن يُتم 24 ساعة، ولم يخف أنه نام بضع ساعات خلال رحلة العودة إلا أنها ليست كافية كون الرحلة والقيادة تحتاج إلى إنسان مرتاح بدنياً لكي يقي نفسه حوادث الطريق، لكن الله هو الحافظ على حد قوله. أما نايف النغيمش فذكر أنه سبق له وأن قام بالسفر إلى مكة خلال شهر رمضان مع أصدقائه عن طريق البر خلال 24 ساعة، وأحياناً أقل إلا أنه عدل عنها بعد ذلك «وجدناها رحلة مرهقة، ومتعبة ولا تخلو من المخاطرة، خصوصاً في طريق العودة، كون الجميع يصبح مرهقاً ومن يكابر منهم ويتولى القيادة يغالبه النعاس بسب الإرهاق وحاجته إلى النوم، مما قد يؤدي إلى وقوع حوادث مرورية لا قدر الله». ورأى أن من أسباب لجوء البعض لمثل هذه الطريقة هو غلاء السكن في مكةالمكرمة في رمضان، ولذلك يضطرون إلى العودة بعد أداء مناسك العمرة، لكني وباختصار «لا أنصح بالسفر في مثل هذه الحالة بل بالتأني وأخذ القسط الوافي من النوم والراحة في إحدى الاستراحات قبل الخروج من مكةالمكرمة فإن تصل سالماً متأخراً خير من ألا تصل». ويرى خبراء في السلامة المرورية أن من أهم الأسباب التي تجعل السائق مرهقاً القيام بجهد بدني قبل السياقة وقلة ساعات النوم والسياقة لمسافات طويلة لساعات متواصلة، من دون أخذ قسط من الراحة، كما أثبتت الدراسات في مجال السلامة المرورية أيضاً أن التعب والإرهاق أثناء القيادة يعتبر عاملاً رئيسياً في وقوع كثير من الحوادث المرورية.