من القميص الأخضر في دورة فرنسا إلى القميص المخطط بألوان قوس قزح، مسيرة مميزة وشاقة، يأمل الدراج البريطاني مارك كافنديش بأن يتوجها بميدالية ذهبية بطعم أولمبي على أرضه وأمام جمهوره في الأولمبياد. ودخل الدراج الأسرع أو «السبرنتر الأول» كما يطلق عليه، جادة الشانزيليزيه الباريسية العام الماضي مرتدياً القميص الأخضر لدورة فرنسا التي ترمز لصاحب أسرع توقيت في مراحل السرعة، ثم أحرز اللقب العالمي في سباق الطريق بفضل سرعته النهائية في كوبنهاغن. وبعد إحرازه ثلاث مراحل من دورة فرنسا هذا العام التي أحرز لقبها زميله ومواطنه برادلي وينغز، يعد كافنديش نفسه اليوم بفوز أولمبي طال انتظاره، معلناً أن ذلك تحدياً بحد ذاته، وقد مهّد لهذا الانجاز عبر فوزه بالسباق الذي أجري على «المسار اللندني» في آب (أغسطس) الماضي. ويعرّف كافنديش عن نفسه عبر موقعه الالكتروني بجملة «أسرع رجل على عجلتين»، ويختار بطل العالم على المضمار عامي 2005 و2008، المولود في جزيرة أيل أوف مان الإيرلندية قبل 27 عاماً، بدقة توقيت شنّ هجماته ومفاجأة منافسيه. وتمكّن كافنديش من الفوز في 36 مرحلة في الدورات الثلاث الكبرى: 23 مرحلة في دورة فرنسا منذ عام 2008 و10 مراحل في دورة إيطاليا منذ 2008 ايضاً، و3 مراحل في دورة إسبانيا منذ 2010، فضلاً عن لقب بطل سباق ميلانو - سان ريمو الكلاسيكي عام 2009. وبفضل الخبرة التي راكمها على المضمار، لا يحجم كافنديش عن التحدي فيبدو عاصفاً كبحر إيرلندا، وقد اعتاد المنافسة تحت المطر وهو يعتبر أن «الإخفاق يحفّزنا على البذل أكثر في سبيل إتقان الأمور». وكافنديش من أصحاب الهويات الممتعة لكنه لا يخفي انزعاجه من بعض الأمور، فهو يمضي ساعات في مشاهدة أفلام السباقات وتحليلها، ويهوى الموسيقى الكلاسيكية والاستماع إلى صوت ماريا كالاس، لكنه يتشاءم حين يثبّت رقم المنافسة على قميصه عشية السباق. ويكشف كافنديش (1،75م و69 كلغ) أنه يستمد قوة من خطبيته بيتا تود، «لأنها تساندني في السراء والضراء» خصوصاً عندما يتعرّض لانتقادات الصحافة. ويقول في هذا الصدد: «أنا لا أتجمّل أمام الصحافة بل أفضّل أن أكون دائماً على سجيتي عفوياً وصريحاً، لذا تختلف تفسيرات الصحافيين في شأن تصرفاتي، إذ يتناولها كل منهم وفق طريقته وغايته». ويتمتع كافنديش بقوة فائقة في الفخذين، ويتميز بإيقاعه الثابت وبقلب كبير يتحمّل الضغط ما يعطيه أفضلية أمام منافسيه، ويدوس خلال السباقات بقوة «مولّداً» سرعة منتظمة بقوة 1300 واط، أو ما يعادل 20 حركة في فترة قصيرة، لذا يفضّل دائماً الهجوم باكراً. ولتعزيز سرعته ومهاراته، يتدرّب على المضمار بالسير خلف دراجة نارية، ما يمنحه تلقائية وإنسيابية في «السرعة الهجومية» ومراقبة جيدة لمنافسيه. ويُقال إن جينات وراثية استثنائية يتميز بها الدراجون مواليد جزيرة أيل أوف مان، ويشهد على ذلك دراج محترف قديم يدعى روب هولدن. وبمنظار الخبير يلفت إلى أن «نقطة الارتكاز» في قامة كافنديش «منخفضة» تساعده على الثبات على دراجته، خصوصاً عند «الالتحام» بالمنافسين و«على المنعطفات»، لا سيما عندما «يتدلّى جذعه ويتأرجح» في سبيل بلوغ السرعة المطلوبة لضمان الفوز.