سيكون التنافس على أشده بين المعسكرين الأميركي والصيني في أولمبياد لندن 2012، الأول يريد استعادة الزعامة، والثاني يأمل بالتمسك بها بعد أن أفرز أولمبياد بكين 2008 متصدراً جديداً لجدول الميداليات. فقبل 4 أعوام، أحسنت الصين الاستفادة من استضافة عاصمتها بكين للالعاب وظفر رياضيوها بالمركز الأول للمرة الأولى، تاركين الولاياتالمتحدة «زعيمة» الألعاب السابقة في المركز الثاني. وحصدت الصين في بكين 100 ميدالية (51 ذهبية و21 فضية و28 برونزية) في مقابل 110 ميداليات للولايات المتحدة (36 ذهبية و38 فضية و36 برونزية)، وجاءت روسيا ثالثة ولها 72 ميدالية (23 ذهبية و21 فضية و28 برونزية). وتبدو رحلة الصينيين إلى لندن محفوفة بالمخاطر، وإنجاز بكين قد لا يكون في المتناول هذه المرة بعيداً عن الأرض والجمهور والحشد الهائل من المشاركين. وتتحدث الأرقام عن ذاتها، ففي بكين 2008 شاركت الصين ببعثة قياسية ضمت 639 رياضياً ورياضية، وفي لندن 2012 تراجع العدد الى 396، منهم 29 رياضياً فقط من الذين طوقوا أعناقهم بالمعدن الأصفر قبل 4 سنوات. وتشتهر الصين بأنواع محددة من الألعاب التي تفرض عليها سطوتها ككرة الطاولة والغطس والجمباز، وتسعى حالياً إلى تمديد سيطرتها إلى ألعاب القوى وغيرها. فقد أهدت كرة الطاولة والبادمنتون والغطس والرماية ورفع الأثقال والجمباز الصين 38 ذهبية من أصل 51 في النسخة الماضية، فكانت السيطرة على منافسات كرة الطاولة مطلقة باحتكار جميع الألقاب، في مقابل 7 ذهبيات من أصل 8 في الغطس، و8 من 15 في رفع الأثقال، و11 من 18 في الجمباز، ونصف ذهبيات الرماية العشر. لكن المسؤولين الرياضيين في الصين يقللون من إمكان تكرار إنجاز بكين، ويقول نائب وزير الرياضة كان جين هوا :«اعتزل عدد من الأبطال بعد ألعاب بكين»، مضيفاً: «أن جيلاً جديداً يشكل الجزء الاكبر من البعثة الأولمبية الصينية» ومؤكداً أيضاً أن «عدداً من الرياضيين الشباب ما يزال يفتقد إلى الخبرة الدولية ولذلك لا يمكننا أن نكون متفائلين جداً بآدائهم». وستكون الولاياتالمتحدة المتربصة الأولى بالصين لاستعادة الزعامة أولمبياً، لأن الصراع على الصدارة ينحصر بينهما إلى حد بعيد، على رغم المحاولات الروسية. وتكمن قوة الأميركيين في السباحة وألعاب القوى، خصوصاً في المسافات القصيرة على رغم الخطر الحقيقي الذي يهدد عدائيها من الجامايكيين يوهان بلايك واوساين بولت واسافا باول. وستكون الفرصة سانحة أمام الأميركيين في ألعاب لندن، خصوصاً مع تقلص عدد الرياضيين الصينيين. ويعتبر منتخبا الولاياتالمتحدة لكرة القدم للسيدات وكرة السلة للرجال الأبرز لإحراز الذهبية. وفي الدورات الأربع التي أقيمت فيها منافسات كرة القدم للسيدات في الألعاب الأولمبية حتى الآن، فرضت الولاياتالمتحدة سطوتها بشكل كبير بتتويجها بثلاث ذهبيات، في اتلانتا 1996 وأثينا 2004 وبكين 2008، وكانت الذهبية الرابعة من نصيب النروج في سيدني 2000. وعلقت اللاعبة الأميركية شانون بوكس (34 عاماً و168 مباراة دولية) على المشاركة في لندن قائلة: «نتطلع إلى الكمال في الملعب وخارجه وهذا يفسر بنسبة كبيرة صعوبة التغلب علينا»، مضيفة: «في لندن سنظهر مستوانا كحاملات للكأس ما سيجعل مهمتنا أصعب». وتبدو روسيا مقتنعة إلى حد بعيد بالمركز الثالث الذي احتلته في الدورة الماضية جامعة 72 ميدالية (23 ذهبية و21 فضية و28 برونزية)، وترفع الشعار ذاته في لندن 2012 لتبقى خلف العملاقين الصيني والأميركي. وقد لا تبدو مهمة الروس سهلة هذه المرة أمام رياضيي البلد المنظم الساعين إلى أفضل النتائج الممكنة على أرضهم وأمام جمهورهم. وحلت بريطانيا رابعة في بكين برصيد 47 ميدالية (19 ذهبية و13 فضية و15 برونزية). ورفعت روسيا سقف الحوافز المادية للفائزين بالميدالية الذهبية إلى مليون دولار في سعيها إلى البقاء «قوة عظمى» في الرياضة بعد نحو عشرين عاماً على تفكك الاتحاد السوفياتي. ويمتلك الروس القدرة على المنافسة في العديد من الرياضات مثل ألعاب القوى والسباحة والجمباز وكرة اليد وكرة السلة والكرة الطائرة ورفع الأثقال وكرة المضرب. وستكون ماريا شارابوفا، حاملة العلم الروسي في حفلة الافتتاح، قبلة الأنظار في سعيها إلى ذهبية كرة المضرب، كما يتركز الاهتمام على بطلة القفز بالزانة يلينا ايسينباييفا. وأمل رئيس اللجنة الاولمبية الروسية ألكسندر زوخوف في رفع عدد الذهبيات إلى 25 قائلاً: «هدفنا نيل 25 ميدالية ذهبية وإنهاء أولمبياد لندن في المراكز الثلاثة الأولى»، حتى أن وزير الرياضة فيتالي موتكو اعتبر المركز الرابع «كارثة وطنية». وسيحظى رياضيو بريطانيا بتشجيع الآلاف من مواطنيهم ما يشكل حافزاً لهم لانتزاع المركز الثالث من روسيا، خصوصاً أن الفارق بالذهبيات لم يكن شاسعاً (23 في مقابل 19). لكن الأهداف التي أعلن عنها المسؤولون الرياضيون في بريطانيا تنحصر بالمركز الرابع بعينه، ولو أن وزير الرياضة هيو روبرتسون اعتبر أن الطموحات هي بتخطي حاجز ميداليات بكين. وستعول بريطانيا مجدداً على رياضات الدراجات الهوائية (أحرزت 7 ذهبيات في بكين) والألواح الشراعية (4 ذهبيات) والتجديف (ذهبيتان). كما يمكنها التطلع إلى ذهبية كرة القدم بمشاركة منتخب بريطاني موحد سيكون قائده الويلزي المخضرم راين غيغز. وتلعب المانيا دوراً بارزاً في منافسات الألعاب الأولمبية أيضاً وغالباً ما تكون ضمن الدول العشر الأولى في جدول الميداليات، وكانت صاحبة المركز الخامس في بكين برصيد 41 ميدالية (16 ذهبية و10 فضيات و15 برونزية). وتقلص عدد رياضيي المانيا في الألعاب إلى اقل من 400 من الجنسين بعد أن كان 441 في بكين، ويعول الألمان على الرياضات الفردية كالفروسية وألعاب القوى والسباحة والمبارزة والدراجات الهوائية. وأصابت المنتخبات الألمانية الجماعية في كرة القدم وكرة اليد وكرة السلة والكرة الطائرة النسائية فشلاً ذريعاً بعدم التأهل إلى ألعاب لندن.