أكد الكاتب عبدالله المطيري أن الساحة الثقافية المحلية تشهد «ظهور وانتشار ما يمكن وصفه بالمثقف المصارع»، مشيراً إلى أن هذا النمط من المثقفين «يتحرك داخل منطق الصراع لا منطق الحوار، بمعنى تحت تأثير قلقه على وجوده وهويته الثقافية المهددة باستمرار، يدخل في علاقات متوترة مع الشخصيات التي كان من الممكن أن تتشارك معه في تأسيس مجتمع معرفة قادر على توفير علاقات يمكن أن يدخل حوار معرفي داخلها يمثل رحم المعرفة وشرط استمرارها ونموها». وقال المطيري ل«الحياة» إن المثقف المصارع «مشغول بإطلاق الأحكام على خصومه أكثر من اشتغاله بالنظر فيما يكتبون، وهو بهذا يقوم بإفراغ الساحة المحتملة للحوار من احتمالاتها القادمة. المثقف المصارع هو نتيجة لاستبداد خطابات غير معرفية على ساحة المعرفة. في تلك الخطابات القول ليس للحجة بقدر ما هو للمكانة المتوارثة، وللانضمام إلى وراثة معينة للسلطة وأدواتها. الشعار الذي يحب المثقف المصارع الانطواء تحته ظاهرياً هو شعار النقد، لكن المتابع المدقق يكتشف ربما بصعوبة زيف ذلك الشعار. النقد المعرفي في عمقه حال تواصل من خلال حضور المنقود حضوراً أميناً في خطاب الناقد. الناقد المصارع هو حال قطيعة لهذه العملية من خلال حجب صوت منقوديه في خطابه، وإحضارهم فقط من خلاله. بهذه العملية يقطع الناقد الطريق أمام قارئيه للقيام بنقد وتقييم ما يقوم به. ذلك أن هذه العملية تتطلب حضور الطرفين أمام القارئ. المثقف المصارع هنا يبحث عن مشجعين لا عن شركاء في التفكير، فهو يقدم مادة غير صالحة للتفكير الحواري»، مضيفا أنه «من السهل جداً على المثقف المصارع ترديد عبارات التواصل وحق النقد، ولكن الاختبار الحقيقي والمقاومة العميقة لنزعات الصراع وحجب المخالفين هو إحضار المنقود بحال أمينة في خطاب الناقد. حال التجاور هنا تتنافر مع حال الصراع. خطاب المثقف المصارع هو ساحة للطرد لا الاستضافة. في خطاب المثقف المصارع حضور كثيف له وحضور مشوش أو اختفاء كامل لمنقوديه. في هذه الحال نحن أمام حال ما قبل معرفية، حال ما قبل النقد حال لا يزال وجود المنقود بحد ذاته عملية غير متفق عليها. أزمة المثقف المصارع أنه بالضرورة يبحث عن وجود من يصارعه، وفي الوقت ذاته يريد أن يخفي ويطمس ذلك الوجود».