باشر رئيس الوزراء المصري المكلف هشام قنديل مشاوراته لتشكيل حكومته الجديدة بالتشاور والتنسيق مع الرئيس الدكتور محمد مرسي. وفيما أفيد أن قنديل ينوي الاحتفاظ بعدد من زملائه في حكومة الدكتور كمال الجنزوري المستقيلة، عُلم أنه سيطيح بالعدد الأكبر من وزراء هذه الحكومة، بما في ذلك الوزراء الذين استمروا في الوزارة منذ حكومات النظام السابق، وعلى رأسهم وزيرة التخطيط والتعاون الدولي الدكتورة فايزة أبو النجا ووزير الكهرباء الدكتور حسن يونس، وأيضاً وزير الإسكان الدكتور فتحي البرادعي. لكن رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي سيستمر وزيراً للدفاع بحكم الإعلان الدستوري المكمل الذي نصَّ على الإبقاء على تشكيل المجلس العسكري كما هو إلى حين إقرار دستور جديد للبلاد. ورجّحت مصادر أن يستمر أيضاً وزيرا الداخلية اللواء محمد إبراهيم والخارجية محمد كامل عمرو في منصبيهما. وقال قنديل في بيان أمس، إنه «بدأ مشاورات تشكيل الحكومة» وسيواصل درس السير الذاتية للمرشحين لاختيار أفضل الخبرات لكل حقيبة، مشدداً على أن معايير الاختيار ستعتمد الكفاءة، وسيتم التركيز على الشخصيات التي تمتلك القدرة على العطاء وبذل الجهد لخدمة الوطن في هذه المرحلة الحرجة. ونفى قنديل ما تردد عن نيته دمج عدد من الوزارات. وقال: «لا نية لدمج أي وزارة بأخرى، لإتاحة الفرصة لمزيد من الجهد والتركيز لتحسين الخدمة المقدمة للجماهير». وبدا في المقابل، أن رئيس الوزراء المكلف سيعمد إلى تفكيك عدد من الوزارات، إذ كشف عن نيته تخصيص حقيبة مستقلة لمرافق المياه والشرب والصرف الصحي لمزيد من الاهتمام بتلك الخدمات التي تهم المواطن المصري. وأكد أن التشكيل الجديد سيتضمن عدداً من الوزراء الحاليين، وأنه لن يكون بالكامل من خارج الحكومة. وأجرى قنديل مقابلات عدة أمس ومساء أول من أمس مع مرشحين لمناصب وزارية في مقر هيئة حماية النيل التابعة لوزارة الري قبل أن يجتمع مع الرئيس محمد مرسي في القصر الجمهوري لعرض نتائج مشاوراته عليه. وكلف قنديل رئيس المركز القومي لبحوث المياه الدكتور محمد عبدالمطلب بإدارة شؤون وزارة الموارد المائية والري إلى حين اختيار وزير لها في التشكيل الجديد. والتقى قنديل وزيرة البحث العلمي الدكتورة نادية زخاري ووزير السياحة منير فخري عبدالنور، في مؤشر إلى استمرارهما في التشكيل الجديد. كما التقى أستاذ التخطيط العمراني في جامعة القاهرة الدكتور طارق وفيق، وهو واحد من معدي مشروع «النهضة» لجماعة «الإخوان المسلمين» ومن المقربين لنائب مرشدها العام المهندس خيرت الشاطر ومن كوادر الجماعة. ورجّحت مصادر تولّي وفيق حقيبة الإسكان لأنه أشرف على إعداد هذا المحور في مشروع النهضة. والتقى قنديل أيضاً عميد كلية الطب في جامعة الزقازيق الدكتور عاطف رضوان، وهو من قيادات جماعة «الإخوان» في المحافظة، وسبق أن اكتسح الأستاذ الملتحي انتخابات جرت العام الماضي فائزاً بعمادة الكلية. وقالت مصادر إنه مرشح لحقيبة الصحة. وأوضحت مصادر قريبة من رئيس الوزراء المكلف ل «الحياة»، أن قنديل ينوي إنشاء وزارة لشؤون افريقيا، وأنه سيفصل وزارة الإسكان إلى وزارتين: الأولى للإسكان والثانية للمرافق العامة. ورجحت خروج وزراء التعاون الدولي، الكهرباء، العدل، الإسكان، النقل، التنمية المحلية، المالية، التربية والتعليم، الثقافة، البترول، الصناعة، الاتصالات، والتموين من التشكيل الوزاري الجديد. وكان الجنزوري ألغى اجتماع مجلس الوزراء الذي كان مقرراً عقده أمس. وفي ردود الفعل على تكليف قنديل رئاسة الوزراء، قال القيادي في حزب «الحرية والعدالة» الدكتور محمد البلتاجي، إنه فوجئ بالأمر كما ملايين المصريين. وكتب البلتاجي على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، أنه «متفائل بتكليف قنديل تشكيل الحكومة، إلا أنه يشعر بالقلق». وأشار إلى أن مصدر التفاؤل هو وفاء الرئيس بوعده واختيار شخصية وطنية مستقلة لرئاسة الحكومة. وقال: «تفاءلت لأن الاختيار جاء يحمل مؤشرات الاهتمام بالتنمية الإنتاجية بعد أن عانينا دهراً من حكومات البزنس والسمسرة والتوكيلات التجارية». وأوضح أن مصدر القلق هو أن يكون «تكليف قنديل مؤشراً لاختيارات الرئيس لمعاونيه بطريقة تفضل التكنوقراط على الساسة، وتفضل الابتعاد عن الأوزان السياسية الكبيرة لصالح التنفيذيين»، مضيفاً: «المرحلة لا تزال تحتاج لشراكة سياسية وبرنامج سياسي يحقق انتقالاً حقيقياً للسلطة». وأعرب حزب «الوسط» عن تمنياته بالتوفيق لرئيس الوزراء المكلف في مهمته «الصعبة» على رغم تحفظ الحزب عن تكليف الدكتور قنديل تشكيل الحكومة. وقال الناطق الرسمي باسم حزب «الوسط» المهندس عمرو فاروق في بيان، إن الحزب سيتعاون مع الحكومة الجديدة قدر استطاعته لكي تنهض مصر وتستعيد دورها الرائد على المستويين الاقليمي والدولي. وأكد الحزب أن الفترة الحالية تتطلب «حكومة سياسية» تستطيع أن تواجه التحديات والأزمات التي يتصدرها المشهد السياسي الحالي بكل تعقيداته واضطراباته. كما رحَّب المكتب السياسي لحزب الجبهة الديموقراطية بتكليف قنديل تشكيل الحكومة، على رغم أن اسمه لم يكن مطروحاً على الساحة السياسية في الآونة الأخيرة، مؤكداً أنه سيقيّم أداء الحكومة الجديدة ولن يحكم على الأشخاص. من جانبه، قال مؤسس حركة «6 أبريل» المهندس أحمد ماهر إنه من المبكر جداً الحكم على قنديل، وإنه لم يكوِّن رأياً كاملاً بخصوص هذا الاختيار، مضيفاً: «لكن الاختيار بالفعل مثير للجدل في الأوساط السياسية. وحتى الآن ليس معروفاً ما هي الأسباب التي جعلت اختيار شخصية رئيس الوزراء يأتي من خارج كل التوقعات. ولماذا لا توجد شفافية وحوار حتى نستطيع فهم أسباب وحيثيات هذا الاختيار». وأعرب ماهر عن تخوفه من تكرار تجربة «عصام شرف مرة أخرى»، في إشارة إلى إمكان تحوّل قنديل إلى مجرد واجهة لحكم الإخوان. وقال ماهر: «المعايير نفسها التي تم اختيار عصام شرف عليها، هي تقريباً المعايير نفسها التي تم اختيار هشام قنديل عليها، فهو شخص لا ينتمي لتيار سياسي، ومن ضمن الحكومة القديمة، ومشهود له بنزاهة اليد». من جهة أخرى، التقى مرسي أمس مجلس إدارة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ورؤساء النقابات العمالية، لاستعراض رؤية التنظيم النقابي لدفع عجلة العمل والانتاج خلال المرحلة المقبلة. وكان مرسي تناول إفطاره أول من أمس مع العاملين في جهاز الاستخبارات العامة، في مقر الجهاز.